المصاحبات اللغويّة في تدريس المفاهيم النحويّة والبلاغيّة لطلبة الشرطة

on 25 September 2022, 08:00 AM
الباحث/ د. علي عبدالقادر الحمادي
الباحث/ د. علي عبدالقادر الحمادي

أثر استخدام برنامج تدريسي قائم على المصاحبات اللغويّة في تدريس المفاهيم النحويّة والبلاغيّة لطلبة كلية الشرطة


ملخص البحث
للمصاحبات اللغوية جذور وحضور في المصنَّفات التراثيّة، لكنّها تُعد مفهومًا حديثًا في الحقل المعرفي للعلوم اللغوية، واختيارًا نادرًا في طرائق تدريس اللغة العربية. اهتمت هذه الدراسة بتأصيل المفهوم، وقدّمت فرضيات تتعلّق باستخداماته التطبيقية الواعية ضمن برنامج تدريسي في مجموعة منتقاة من المهارات النحوية والبلاغية للطلاب الجامعيين.


ولتحقيق أهداف الدراسة تم إعداد مجموعة من الأدوات والمواد تمثلت في: قائمة بمهارات اللغة العربية المستهدفة في البرنامج، مع المادة المعرفية، والأنشطة التطبيقية، والبرنامج المقترح، وجلساته التفصيلية، واختبار الكفايات اللغوية. وخضعت كل هذه الأدوات للإجراءات العلمية من عرض على المحكمين للتحقق من صدقها، وتجريب علمي للتأكد من ثباتها. واتبعت الدراسة المنهجين الوصفي والتجريبي خلال إجراءاتها. تتبعت الدراسة المؤلفات التراثية في موضوع المصاحبات اللغوية، ثم استعرضت الدراسات الحديثة التي وظفت الموضوع في الدراسات الأدبية والنقدية والتربوية. وبنت من خلال ذلك نماذج تطبيقية على عينة عشوائية بسيطة تمثل مجتمع الدراسة تم اختيارها وفق إجراءات موضوعية تتضمن اختبارات قبلية وبعدية.


وقد أظهرت النتائج فاعلية البرنامج التدريسي وأشارت الفروق بين متوسطات رتب درجات عينة البحث في التطبيقين القبلي والبعدي إلى دلالة إحصائية عند مستوى (05.0) لمصلحة التطبيق البعدي، وعلى ضوء تلك النتائج أوصت الدراسة بتوظيف جلسات البرنامج في مقرر اللغة العربية في المستوى الجامعي.


الكلمات المفتاحية: المصاحبة اللغوية، تدريس اللغة العربية.
مقدّمة:
اكتساب اللغة العربية بين المدارسة والممارسة والمقابسة هي فكرة قائمة على أكثر من مجرد التجانس اللغوي، إنها فلسفة نظّر لها نهاد الموسى (الموسى.1984)، ولم تأخذ حقها من الانتشار. ولزمن طويل كان الباحث يؤمن أنّها السبيل الأمثل لنجاح تدريس النحو العربي في الزمن المعاصر، الذي عيّت فيه الألسنة وغابت السليقة اللغوية. فالفكرة تبدأ من المدارسة المنهجية للمعرفة اللغوية، لتترسخ بالمهارة في الممارسة المستمرة، وترتقي لغويًّا وأدبيًّا وفكريًّا من مقابسة الأساليب الشريفة والعالية.


ولأنّ تطبيق الفكرة هو ما يثبت نجاحها، فقد رأى الباحث أن يعمل على مفهوم محدّد هو المصاحبات اللغوية، يطبّقه على مهارات محدّدة في النحو والبلاغة، ليمارس به ممارسة عمليّة.
وقد وجد الباحث في فكرة المصاحبات اللغوية أنموذجًا يمكن البناء عليه والانطلاق منه، في رؤية تطويرية لطرائق تعليم اللغة العربية، فآثر أن يضع الفكرة موضع الدراسة في بحث إجرائي تجريبي، لعله بذلك يلامس أفقًا في بناء مناهج اللغة العربية جديدًا. ويفتح بابًا في مناهج التدريس فريدًا.


وقد ساعدت هذه النظرية الباحث على تحديد مشكلة الدراسة وهدفها، وبناء الإطار النظري والإفادة من الدراسات السابقة، وتطبيق إجراءات الدراسة وتحليل نتائجها على النحو التالي:

أولا: تحديد المشكلة والهدف والمجتمع:

لما كان محور تركيزنا ليس تعليم اللغة العربية للمتخصصين في أقسام اللغة العربية وإنما ما تُعورف عليه في الجامعات باسم “تعليم اللغة العربية ضمن المتطلبات الجامعية” أو “تعليم اللغة العربية لأغراض التخصص” أو “مهارات التواصل في اللغة العربية” وهو عبارة عن مساق أو مساقين يقدمان مهارات أساسية في اللغة العربية في السنوات التأسيسية في الجامعات. فقد سعت الدراسة إلى بناء مادة تعليمية تلامس احتياجات الطلاب وفق تخصصاتهم، وكانت فرصة سانحة لبناء وتصميم منهج تعليمي للطلاب المرشحين في كلية الشرطة يركز على المهارة اللغوية ويلامس الاحتياجات المعرفية للفئة المستهدفة من المنهج.

 


ولزمن طويل راوحت هذه المناهج بين مادة نظرية تعرف الاتصال ومهاراته الأربع، محددة التعريف والأهمية وما ينبغي في المهارة وما لا ينبغي، وكيف تطوّر وكيف تقيم في تنظير طويل لا يهم الطالب غير المتخصص في اللغة العربية، ويحرمه وقت الممارسة الفعلي للمهارة. وكانت الكتب المقررة في هذه المناهج تُتجاذب من طرفين في اللغة عتيدين النحو والبلاغة. وهما من التقعيد والتفريع بمكان.


مشكلة الدراسة:
في إطار ما سبق عرضه تتحدد مشكلة الدراسة الحالية في ضعف مهارات اللغة العربية عند الطلاب الجامعيين من غير المتخصصين في اللغة العربية لعدم وجود برنامج يراعي اهتماماتهم ومتطلباتهم المعرفية في مجال اللغة العربية.
وعليه، تسعى الدراسة الحالية إلى التصدي للمشكلة البحثية من خلال استخدام برنامج تدريسي قائم على المصاحبات اللغوية في تدريس المفاهيم النحويّة والبلاغيّة، وقياس أثره في مجتمع الدراسة المحدد بطلاب الدفعة 36 من الطلبة المرشحين في كلية الشرطة بأبوظبي وفق اختبار كفاية لغوية معتمد أعد لهذه الدراسة تحديدا.


أسئلة الدراسة:
تتمثل إشكالية البحث في الأسئلة التالية:
ما التعريف العلمي لظاهرة المصاحبات اللغوية وما موقعه في الدراسات اللغوية والنقدية؟
ما التعريف الإجرائي للمصاحبات اللغوية الذي يسهم في تجسير العلاقة بين هذا المصطلح وتطبيقاته في مجال تعليم اللغة العربية؟
كيف يمكن توظيف هذا المفهوم في تنمية مهارات اللغة العربية؟
وهل هناك فروق لغوية ذات دلالة إحصائية تأتي لمصلحة من يستخدم المصاحبات اللغوية في التدريس؟
وهل يقدم اختبار الكفاية اللغوية المقترح نتائج تتصف بالموضوعية والصدق والثبات؟

أهمية الدراسة:
تكمن أهمّيّة هذه الدراسة في أنّها:
تقدّم منهجًا تطبيقيًّا مبتكرًا وجديدًا في تأليف مناهج اللغة العربية.
تمثل مقاربة لطرائق جديدة لتدريس اللغة العربية، تتخلى عن الطرق الحديثة وتستثمر المعرفة الحديثة في تطوير مناهج التدريس.
تضع اختبارًا لقياس الكفاية اللغوية، يركّز على المهارة اللغوية أكثر من المعرفة النظريّة.
تنهج نهجا تطبيقيا في قياس أثر طرائق التدريس في إكساب الطلاب المهارات اللغوية.
هدف الدراسة:
تهدف الدراسة إلى التعرّف على أثر استخدام برنامج تدريسي قائم على المصاحبات اللغوية في تدريس المفاهيم النحوية والبلاغية للدفعة 36 من الطلبة المرشحين في كلية الشرطة بأبوظبي.


مصطلحات الدراسة:
البرنامج التدريسي: منهج تعليمي محدد أعد لغرض هذه الدراسة ولتحقيق أهدافها، يتضمن كتاب الطالب، وأوراق العمل، ووسائل ميسرة للتدريس، وأدوات التقييم، ودليل المعلم، وطرائق التدريس المقترحة، والخطة الزمنية للتنفيذ.
المصاحبات اللغوية: مفهوم لغويّ يعني التراكيب التي تأتي متصاحبة، وهي على درجة كبيرة من الشيوع والذيوع. وتتخذ أشكالا لغوية متنوعة: فعل وفاعل، وفعل مبنيّ للمجهول ونائب فاعل، ومبتدأ وخبر، وتركيب وصفي، وتركيب إضافي، وتركيب عطفي، وغيرها.


المفاهيم النحوية والبلاغية: مجموعة منتقاة من الدروس النحوية والبلاغية ضمن الإطار المعرفي للدراسة الحالية. تم اختيارها من لجنة علمية متخصصة في مناهج تدريس اللغة العربية.


الطلبة المرشحون: هم طلبة كلية الشرطة التابعة لوزارة الداخلية بدولة الإمارات العربية المتحدة، يدرس الطلاب ثلاث سنوات للحصول على المؤهل الجامعي بكالوريوس العلوم الشرطية والتطبيقية، وصفة المرشحين دالة على ترشحهم للتخرج برتبة ضابط شرطة.


حدود الدراسة:
الحد البشري: تحدد الدراسة استجابات طلاب الدفعة 36 من الطلاب المرشحين في كلية الشرطة بأبوظبي.
الحد المكاني: كلية الشرطة في أبوظبي عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة، وهي مكان عمل الباحث.
الحد الزمني: نفذت الدراسة على مدى فصلين دراسيين في الفترة الزمنية الممتدة من 1/11/2021 إلى 30/4/2022، في الفصل الأول درس الطلاب مساق (اللغة العربية – مساق تأسيسي) بواقع 12 ساعة تدريسية في الفترة من 1/11/2021 – 24/1/2022 وفي الفصل الثاني درس الطلاب مساق اللغة العربية 01 ورقمه في البرنامج الأكاديمي للكلية (101302) بواقع 24 ساعة تدريسية في الفترة من 27/1/2022 – 30/04/2022.
الحد الموضوعي: بعض مهارات التفاعل والتواصل اللغوي بشقيه الشفاهي والكتابي. في الشق الشفاهي كان التركيز على الطلاقة اللغوية، وفي الشق الكتابي ضمنت موضوعات نحوية مثل: الفعل والفاعل، الفعل المبني للمجهول ونائب الفاعل، المبتدأ والخبر، المضاف والمضاف إليه، النعت والمنعوت، الاسم المعطوف والمعطوف عليه. كما تتضمن موضوعات بلاغية: المجاز والكناية.


منهجية الدراسة ونوعها:
استخدم الباحث المنهجين الوصفي والتحليلي لأنه رأي فيهما معًا القدرة على تحقيق أهداف الدراسة. استخدم المنهج الوصفي في جمع البيانات، ووصف الإجراءات النظرية والخطوات البحثية، وتحديد المهارات المستهدفة، كما استخدمه أيضا في توصيف الجانب النظري المتمثل في توصيف المتصاحبات اللغوية وأنواعها، وربط المتصاحبات اللغوية بتدريس المهارات اللغوية، واستعراض الدراسات السابقة.
أما المنهج التجريبي فقد استخدم في تطبيق الدروس المصممة على عينة البحث، والمقارنة بين التطبيقين القبلي والبعدي.