تغيرت الإرشادات والنصائح بشأن معانقة الأحباب والأصدقاء في كل من إنجلترا واسكتلندا، اعتباراً من يوم الاثنين؛ 17 من الشهر الجاري. فلم يعد يُنصح بتجنبه بين الأشخاص من أسرٍ مختلفة. وستكون هذه بالنسبة لملايين الأشخاص، هي المرة الأولى التي يتعانق فيها الأصدقاء والأحبة والأسر بعد شهور من التباعد الاجتماعي والإغلاق العام.
ويقول الخبراء، ثمة فوائد حقيقية للمعانقة، فهي تقلل من التوتر وضغط الدم، ولكن الحكومة تحث الناس على توخي الحذر. فكيف يمكنك أن تعانق بحذر؟
قمنا هنا بجمع خمسٍ من أبرز نصائح خبراء فيروس كورونا بشأن كيفية عناق الأحباب والأصدقاء بأمان.
أولاً: كُن انتقائياً
تقول سالي جين كاتلر، الأستاذة في جامعة شرق لندن: “أنا شخصياً سيقتصر عناقي على أفراد عائلتي فقط وليس خارجها، أعتقد أنه يجب أن نتحفظ بشأن الأشخاص الذين نختار عناقهم جداً”.
وتضيف البروفيسورة كاث نواكس، العضوة في لجنة “سيج” (اللجنة الاستشارية العلمية للطوارئ) التي تقدم المشورة للحكومة، أن الخطورة تعتمد على مَن هو الشخص الذي ستعانقه.
وتصف شعورها قائلةً: “سينتابني إحساس بالقلق إذا تحمسنا إلى معانقة جميع أصدقائنا في كل مرة نلتقيهم فيها من جديد”.
وتكمل “والأرجح ألا تعانق كل شخص تعرفه، وإذا كنت ستعانق شخصاً ما، فاقصر ذلك على عدد قليل جداً من أفراد العائلة المقربين الذين تقدر حقاً عناقهم”.
ويحض فرانك أثيرتون، كبير المسؤولين الطبيين في ويلز، على عدم معانقة كل الأشخاص، ضمن الأسر الكبيرة التي لا يعيش أفرادها في منزل واحد.
ويقول: “في الوقت الراهن، انخفضت معدلات الإصابة كثيراً ، كما أن الاقتراب من أحد أفراد عائلتك الآن بات أقل خطورة، لكنني من جهتي سأتوخى المزيد من الحذر عند التقرب من الغرباء”.
وتشير نصيحة الحكومة الجديدة إلى أنه يجب على الأشخاص توخي المزيد من الحذر مع الأشخاص المعرضين للإصابة بكوفيد 19، وحتى التفكير بعدم عناق الأقارب المسنين، خاصةً الذين لم يتلقوا لقاحاً بعد.
ثانياً: ليكن عناقك سريعاً
إن طول المدة التي تقضيها في اتصال عن قرب مع شخص ما يحدث فرقاً أيضاً.
يقول أثيرتون: “لا تطيل المدة أثناء الاتصال مع شخص ما وجهاً لوجه بل اجعله عناقاً قصيراً”.
وتوافقه الرأي البروفيسورة نواكس بقولها “لا تطِل المعانقة واختصرها قدر المستطاع”.
وتوضح الحكومة نصيحتها المحدّثة بشأن العناق هذه النقطة أيضاً مشيرة إلى أن “إطالة فترات الاتصال عن قرب تزيد من خطر انتقال العدوى، لكن تذكر أنه حتى الاتصال القصير قد ينشر كوفيد 19، ولا توجد هناك أي فترة زمنية محددة آمنة تماماً للاتصال القريب مع الآخرين”.
ثالثاً: تجنب الاتصال وجهاً لوجه
تقول البروفيسورة نواكس: “حاول تجنب الالتقاء وجهاً لوجه، فبإمكانك أن تميل وجهك قليلاً عن وجه الشخص المقابل، وحتى ارتداء كمامة الوجه يمكنه أن يساعدك في البقاء آمناً”.
وتوضح: “الحقيقة هي أنك عندما تعانق شخصاً ما، تُصبح قريباً جداً منه، وندرك جيداً أن الفيروس ينتقل عن طريق التنفس؛ وأنت تكون على مقربة جداً من تنفس الشخص المقابل في تلك اللحظة”.
تقول الأستاذة ليندا بولد من جامعة إدنبرة: “الشيء الآخر، والذي يبدو متحفظاً جداً، هو خيار ارتداء كمامة أثناء العناق”.
وتضيف: “إذا أردت أن تفعل ذلك وأنت تزور شخصاً معرضاً لخطر الإصابة بشكل عام، فلا بد من الاهتمام بنظافة اليدين وتعقيمهما، فعندما تلمس شخصاً ما، فإنك عملياً تلمس الأشياء التي لمسها ذلك الشخص”.
رابعاً: لا تعانق في الأماكن المغلقة
لطالما كان الخبراء واضحين دائماً في أن مخاطر كوفيد تكون أقل في الأماكن المفتوحة في الهواء الطلق . وكذلك تشير نصيحة الحكومة بشأن الاتصال عن قرب إلى أن معانقة الأحباب في خارج الأماكن المغلقة تعد أكثر أماناً.
وتضيف أنه إذا كان مجموع الأشخاص المجتمعين في الداخل يصل إلى ستة أشخاص، كما هو مسموح به اعتباراً من 17 مايو/أيار، فتأكد من أن المكان يتمتع بتهوية جيدة.
“افتح النوافذ والأبواب، أو اتخذ إجراءات أخرى للسماح بدخول الكثير من الهواء النقي. وكلما زاد الهواء النقي في الداخل، زادت سرعة تلاشي أي فيروس ينتقل عبر الهواء من الغرفة”.
خامساً: قُم بإجراء فحص كشف الإصابة
تقترح الحكومة أنه لجعل الاتصال القريب أكثر أماناً، يجب على الأشخاص إجراء فحص الإصابة بالفيروس لأنفسهم بانتظام، حتى لو لم تكن لديهم أي أعراض.
وتقول الحكومة: “لا تظهر أعراض الإصابة بالفيروس إلا على شخص واحد من أصل كل ثلاثة أشخاص، لذلك قد ينقل أحدهم العدوى إلى آخرين من دون أن يدرك ذلك، فإجراء الفحص بشكل منتظم سيساعد على تقليل المخاطر المحتملة”.
فوائد العناق:
وإذا كنت قادراً على العناق بأمان، فإليك فوائده:
قد لا يكون الجميع متحمسين لعودة العناق، ولكن إذا نظرنا إليه من الجانب العلمي، فله فوائد عديدة.
يقول البروفيسور روبن دنبار، عالم في مجال علم النفس التطوري في جامعة أكسفورد: “إن اللمس شيء أساسي حقاً للبشر، ويؤدي الاستغناء عنه إلى إضعاف علاقاتنا الوثيقة”.
ويضيف: “إن نوع اللمس الأكثر حميمية – الذراع حول الكتف وربتة على الكتف وهذه الأنواع من السلوكيات المخصصة للصداقات الوثيقة وأفراد الأسرة، مهم جداً… فهو يشعرنا بالسعادة والرضا والثقة بالآخرين”.
ويعتبر اللمس أول إحساس لنا يتطور داخل الرحم، وقد أظهرت الأبحاث أن الاتصال الجسدي مع الآخرين يمكن أن يقلل من تأثير الضغط العصبي والتوتر.
وتقول الأستاذة ليندا بولد إن هناك فوائد مثبتة علمياً للتلامس و “العناق الحميم على وجه الخصوص”.
وتشرح قولها: “نعلم من خلال الدراسات أنه يخفض معدل نبضات القلب وضغط الدم ويقلل من التوتر”.
ويقول البروفيسور دنبار إن سبب احتياج البشر إلى الاتصال الجسدي هو أننا تطورنا من الثدييات العليا التي تعتني بعضها ببعض.
مضيفاً أنه على الرغم من أن معظم الفراء الذي كان على أجساد أسلافنا قد تلاشى وزال، إلا أن البشر يقومون بنفس الحركات وعلى نفس المراكز العصبية بالضبط عندما يداعبون أو يحتضنون أو يربتون على أكتاف بعضهم البعض.
ويؤدي اللمس إلى تحفيز الإندورفينات، وهي مواد كيميائية في الدماغ تساعد على الشعور بالسعادة.