أبحاث : خطورة بالغة للطعام ليلًا

on 08 January 2024, 02:36 PM
articel_food
خطوره الطعام

لجأ الكثير منا إلى تناول الوجبات الجاهزة بعد يوم طويل من العمل، ولكن العلماء والاختصاصيون يؤكدون أن اعتماد الوجبات الجاهزة في وقت متأخر من الليل كعادة منتظمة له عواقب وخيمة على الصحة.
وقد أوضحت ماري بيير سانت أونج، عالمة التغذية والنوم في جامعة كولومبيا، أن أجسامنا تطورت لمعالجة العناصر الغذائية أثناء النهار، وللحفاظ على الطاقة وتخزينها في الليل، وبالتالي فإن تعطيل الإيقاع الطبيعي لمواقيت الطعام قد يتسبب في مشاكل كثيرة، وفقاً لصحيفة نيويورك تايمز.

ووجدت العديد من الدراسات، أن تناول العشاء في غضون ثلاث ساعات قبل النوم قد يؤدي إلى تفاقم أعراض حرقة المعدة أو الارتجاع الحمضي.

 

◄ زيادة الوزن والإصابة بالسكري

قال فرانك شير، عالم الأعصاب في مستشفى «بريغهام والنساء» في بوسطن: إن الأبحاث الأكثر إثارة للاهتمام حول تناول الطعام في وقت متأخر من الليل، ركزت على علاقتها بوزن الجسم والصحة الأيضية. وفي إحدى الدراسات التي أجريت عام 2019 على ما يقرب من 900 من البالغين في منتصف العمر وكبار السن في الولايات المتحدة، وجد الدكتور شير وزملاؤه أن أولئك الذين تناولوا 100 سعر حراري أو أكثر خلال ساعتين من وقت النوم كانوا أكثر عرضة لزيادة الوزن بنسبة %80، أو يعانون من السمنة مقارنة بأولئك الذين لم يأكلوا خلال تلك الفترة. ووجد الباحثون نتائج مماثلة لدى البالغين في السويد واليابان.

وفي دراسة أجريت عام 2023 على أكثر من 850 شخصاً بالغاً في بريطانيا، فإن أولئك الذين يتناولون وجبات خفيفة بانتظام بعد الساعة الـ9 مساءً كان لديهم مستويات أعلى من HbA1c، وهو علامة على خطر الإصابة بالسكري، كما ارتفعت لديهم نسبة السكر في الدم والدهون بعد تناول وجبات النهار مقارنة بأولئك الذين لم يتناولوا عادة وجبات خفيفة في وقت متأخر من الليل.
تلك الدراسات قد لا يمكن أن تجزم بأن تناول الطعام في وقت متأخر من الليل يسبب بشكل مباشر زيادة الوزن أو مشاكل صحية أخرى، لأن عوامل أخرى، مثل الوراثة وعدم ممارسة الرياضة وانخفاض ساعات النوم، لها دور في ذلك أيضاً. لكن الأبحاث الحديثة التي تتحكم في هذه العوامل بدأت تكشف عن التأثيرات المباشرة لتوقيت الوجبة في الصحة.

 

◄ علاقة الصحة بتوقيت الوجبات

في تجربة أجريت عام 2022، طلب الدكتور شير وزملاؤه من 16 شخصاً بالغاً يعانون من زيادة الوزن أو السمنة أن يعيشوا في مختبر، حيث يتم تنظيم وجباتهم وتمارينهم الرياضية ونومهم بعناية.
واتبع جميع المشاركين جدولين مختلفين لتناول الطعام، كل منهما لمدة ستة أيام: الجدول الأول يسمح بتناول وجبة الإفطار بعد وقت قصير من الاستيقاظ، والغداء في منتصف النهار والعشاء في وقت مبكر من المساء. أما الجدول الثاني فيسمح بتناول وجبات أخرى بعد أربع ساعات، من العشاء، في حوالي الساعة 9 مساءً. ومع أن المشاركين استهلكوا الكميات نفسها من العناصر الغذائية والسعرات الحرارية في كلا الروتينين، إلا أن الذين اتبعوا جدول الوجبات المتأخرة، شعروا بالجوع أكثر ممن نفذوا الجدول الأول.

وفي الوقت نفسه، كانت مستويات هرمون اللبتين –الذي يشير إلى الشبع– أقل طوال اليوم، وكانت مستويات الجريلين –الذي يشير إلى الجوع– أعلى. كما أنهم أحرقوا سعرات حرارية أقل. وقد وجدت العديد من الدراسات الصغيرة الأخرى أن الناس يحرقون كمية أقل من الدهون في جدول الأكل المتأخر.

وقال الدكتور شير إن هذه النتائج تشير إلى أن تناول الطعام في وقت متأخر من الليل يمكن أن يسبب زيادة الوزن، على الرغم من أن هناك حاجة لدراسات طويلة المدى لإثبات ذلك بشكل قاطع، بينما قالت د. إيرين هانلون، عالمة الأعصاب السلوكية في جامعة شيكاغو إن الأبحاث وجدت أيضاً أن الكربوهيدرات التي يتم تناولها في المساء تؤدي إلى ارتفاع نسبة السكر في الدم بشكل أكبر من تلك التي يتم تناولها في وقت سابق من اليوم.
وأضافت أن ذلك يرجع جزئياً إلى أن الميلاتونين، وهو هرمون يعزز النوم ويزداد في المساء، يثبط إفراز الأنسولين الذي ينظم مستويات السكر في الدم. وقال د. سانت أونج إن ارتفاع نسبة السكر في الدم يمكن أن يؤدي في النهاية إلى تلف الأوعية الدموية وزيادة خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم والسكري من النوع الثاني.

وقت تناول الطعام ليلاً

تشير الأبحاث إلى أنه من الأفضل – إن أمكن– تجنب تناول الطعام لمدة ثلاث إلى أربع ساعات قبل وقت النوم المعتاد.

وذكر د. هانلون أن هذا التوقيت من المحتمل أن يكون الأفضل لصحتك على المدى الطويل، وقد يقلل أيضاً من أعراض الارتجاع الحمضي.

من جانبه، يقول د. شير: إذا كنت تعمل ليلاً، فقد يكون تناول الطعام في وقت متأخر من الليل أمراً لا مفر منه، ولكن حاول تناول أكبر وجباتك بين الـ 7 صباحاً والـ 7 مساءً.
ولفت إلى أن بعض الأشخاص، مثل أولئك الذين يعانون من انخفاض نسبة السكر في الدم أو الذين يحصلون على تغذية كافية، قد يحتاجون إلى تناول الطعام ليلاً.

أما د. سانت أونج فيقول إن توقيت تناول الطعام والنوم يمكن أن يكون «نوعاً ما من التحدي»، لأنك ترغب عن تناول وجبة كبيرة في وقت قريب جداً من وقت النوم، لكنك ترغب عن الذهاب إلى السرير جائعاً أيضاً.

ونصح د. أونج من يتناولون الطعام في وقت متأخر من المساء باختيار وجبات أصغر ومغذية أو وجبات خفيفة لا تحتوي على نسبة عالية من الدهون أو السكريات المضافة، مثل الزبادي العادي مع الفاكهة أو الخضروات مع الحمص أو زبد اللوز