الاهتمام بالبحث العلمي في أي بلد يعّد مؤشراً مهماً من مؤشرات التنمية، ولهذا نجد أن دول العالم المتقدمة حريصة كل الحرص على البحث العلمي في المجالات المختلفة، ومواكبة التطور والتنمية والتحسين والتدوين في مجالات الحياة كافة، لأن التطورات العلمية التي وصلت إليها الأمم ما هي إلاّ نتاج طبيعي لبحوث علمية أنجزت في معامل الجامعات ومختبرات المراكز البحثية.
وأصبح البحث العلمي من أهم المصادر التي ترفد المجتمعات بالابتكارات والاختراعات العلمية، في مجالات الحياة المختلفة في الصناعة والزراعة والصحة والتعليم والاتصال وإنتاج الغذاء ومكافحة الآفات الزراعية واستكشاف الفضاء واستشراف المستقبل؛ فلا تنمية شاملة من دون الاعتماد على البحث العلمي في مجالات التخطيط والتنفيذ.
ويعّد البحث العلمي من أهم المعايير العلمية في كافة مجالات الحياة؛ حيث إن البحث يلعب دوراً مهماً في دراسة الظواهر المختلفة والعمل على تفسيرها وحل مختلف الإشكاليات المرتبطة بها، وذلك من خلال الجهود التي يبذلها الباحثون في كتابة وإعداد البحوث العلمية المحكمة والرصينة، فضلاً عن ضرورة إتباع الأسلوب العلمي والمنهجية السليمة التي يعتمد عليها الباحثون في كتابة وإعداد البحوث العلمية، والتي يتم من خلالها التأكد من كافة المعلومات وإثبات النظريات والفرضيات التي يتم استخدمها في كتابة البحوث العلمية بأساليب سليمة وباستخدام أدوات البحث العلمي المتعارف عليها عالمياً.
وينطلق مسار البحث العلمي والابتكار في أي بلد من خصوصية الرؤية العلمية للبرامج والتطورات الحاصلة في مجالات الحياة كافة، فضلاً عن ضرورة مواكبة البحث العلمي لقضايا التنمية المستدامة التي تواكب التطورات المستمرة والسريعة الحاصلة في المجالات العلمية، وهذا الأمر يتطلب التركّيز على المبادرات البحثية التي تُسهم في تحسين جودة البحوث العلمية الرصينة وابتكارات الباحثين من أعضاء هيئة التدريس وطلبة الدراسات العليا، ومن ضمن مهام البحث العلمي وأولوياته ضرورة مواكبة مجالات البحث العلمي بهدف تحسين تجربة التعليم والتعلم وتعزيز البرامج الأكاديمية في الدول العربية، ومن الأهمية بمكان ضرورة تعزيز مهمة البحث العلمي في الجامعات العربية وفقاً للخطط العلمية المرسومة من قِبل الجهات الرسمية، وتماشياً مع مجالات الباحثين من أعضاء هيئة التدريس واختصاصاتهم، وابتكارات مهارات طلبة الدراسات العليا وابداعاتهم في تنظيم وإنجاز المشاريع، لاسيما في المجالات البحثية التطبيقية المشتركة، التي يمكن تطبيقها عملياً على صعيد الواقع في الجهات الحكومية والأهلية بمشاركة الفنيين والمهنيين الذين يمارسون المهنة، وهذا الأمر يمكن أن يحقق مؤشرات عالية للأداء، ويخدم عملية التنمية المستدامة المتصلة بالبحث والابتكار.
تحديات البحث العلمي في الوطن العربي:
وبالنسبة لواقع حال جامعتنا العربية في مجال البحث العلمي، لا بد من الإشارة إلى تدني مستوى الاهتمام بالبحث العلمي في جامعات الوطن العربي مقارنة باهتمام الدول الاجنبية، ومن حيث تهيئة الظروف المادية والتقنية المناسبة لإنجاز بحوث علمية رصينة ومتميزة، كما أن هناك العديد من التحديات التي تواجه البحث العلمي والباحثين في الجامعات العربية، وفي دول العالم، منها على سبيل المثال لا الحصر:
– تدني الإنفاق السنوي على البحث العلمي في جامعات الوطن العربي مقارنة بالمجالات الأخرى.
– عدم وجود خطط سنوية معتمدة تخدم السياسات البحثية، وتعمل على تطوير مجال البحث العلمي.
– تحديات تتصل في الحصول على المعلومات الصحيحة التي تخدم البحث العلمي، لا سيما إذا كانت البحوث تتصل في مجالها التطبيقي على بعض الجهات الرسمية “الحكومية”، ذات السيادة.
– تحديات متصلة بعدم توافر بعض المقومات البحثية، وقصور الاتجاهات والأساليب البحثية المستخدمة.
– تحديات تتصل بعدم التعاون الفعال بين الباحثين والممارسين الذين يعملون في المجال الميداني.