باقون ، ما بقي الزعتر والزيتون والسنديان والزعرور والليمون ، فالأرض لنا والبيت لنا ولن نتخلى عن ذرة تراب كانت وما زالت ترتوي من دماء الاطفال والنساء والشهداء ، فنحن ملح هذه الأرض ، دير ياسين ، كفرقاسم ، اللد ، الطنطورة ، الحرم الإبراهيمي ،جنين ،صبرا وشاتيلا ، نعم هذه أسماء مدن في فلسطين المحتلة كانت مقصد كل عربي ولكنها اصبحت وبعد استعمار الصهيونية النازية مسرحاً للمجازر ضحيتها أطفال ونساء ومدنيين ، هكذا نشأت الصهيونية النازية على عقيدة المجازر والدم والمحارق فكان شعارهم أقتل اذن أنت موجود انه تاريخ حافل بالمذابح. لهذا السبب خرج في عام النكبة العدد الكبير من فلسطين الى الدول المجاورة على امل أن الجيوش العربية ستعمل على تحرير فلسطين وعودة النازحين الى ديارهم في غضون ايام وأسابيع قليلة كما أوهموهم العرب ولكن هذه الأيام أصبحت خمسة وسبعون عاماً وما زال الشعب الفلسطيني ينتظر الجيوش العربية ولم تأتي بعد.
خمسة وسبعون عاماً والدول العربية لم ترسم خطة واحدة من أجل لجم هذا العدو الصهيوني ، خمسة وسبعون عاماً والشعب الفلسطيني يعيش في حرمان ، حرمان من الصلاة في المسجد الاقصى أو حتى زيارة مدن ال 48 داخل فلسطين ، خمسة وسبعون، والعدو الصهيوني يعتقل الشباب والأطفال والنساء ، خمسة وسبعون عاما والشعب الفلسطيني يعيش في الشتات داخل وطنه وخارجه ، خمسة وسبعون عاماً وهذا العدو الصهيوني يقتلع الشجر والحجر والبشر ، خمسة وسبعون عاما من الصبر والجهاد والكفاح من أجل فلسطين ، يقولون أن كثرة الضغط تولد الانفجار، نعم الضغط الاقتصادي والحصار وعدم التحرك بحرية كل هذا ولد الانفجار ، فطافت غزة والضفة الغربية وجنين فكان طوفان الأقصى، هذا الطوفان أسقط كل الأقنعة التي أساءت الى القضية الفلسطينية من أجل المصالح الخاصة.
منذ بداية طوفان الأقصى وغزة تنزف دماً ،كل من فيها ينتظر موته بالدقيقة والثانية لا يعرف متى يسقط على منزله صاروخا محرماً دولياً فيستشهد جزء من هذه الأسرة والذي ينجوا فأن حياته تكون واحدة من الاثنتين حالة اكتئاب من هول ما رأى أو حالة اعاقة دائمة، لأنه هذه الصواريخ تذيب الأطراف وتؤثر على الجسد ، لقد شاهدنا العديد من الأطفال الذين فقدوا أطرافهم وهم أطفال وليس هذا فقط بل فقدوا أسرهم، تخيل من سيعيل هذا الطفل وهو الوحيد الذي نجى من أسرته. نعيش هذه المأساة بكل مواجعها المؤلمة ، ونعلم أنه سوف يوثق كل شيء إلى الأجيال القادمة لذلك سجل أيها التاريخ وقل لأصحاب العلم والمعرفة بأن هناك طفل من غزة يحمل حقيبته المدرسية ولكن هذه الحقيبة لا تحتوي على كتب وكراسات مدرسية انها تحتوي على أشلاء شقيقه كان قد استشهد ، سجل أيها التاريخ وقل للعالم أن الأطفال الخدج داخل المشفى أصبحوا بنك لأهداف هذا العدو الصهيوني ، و أخبرهم كيف كتب على جسد الأطفال والنساء والشيوخ أسماؤهم من أجل التعرف عليهم لأن جثثهم قد شوهتها قذائف العدو الفسفورية والمحرمة دولياً .
سجل أيها التاريخ وقل للأجيال القادمة بأن كل صحفي كان هدفاً للقتل ، هدفاً لأنه ينقل وينشر ويوثق جرائم العدو الصهيوني ، سجل أيها التاريخ وأخبر العالم بأن مشافي غزة اصبحت دمار وأن الأطباء فيها يجرون العمليات الجراحية من بين الركام ،والله لو اجتمع كل مخرجي افلام هوليود والتصوير السينمائي في الارض لتركيب مشهد يوافق هذا المشهد الحقيقي لما استطاعوا تصويره او حتى تخيله ، هذه هي فلسطين وهؤلاء هم عباقرة فلسطين ، سجل أيها والتاريخ أن الخدمة توقفت في مشافي غزة بسبب نفاذ الوقود ، بينما تحت أرض العرب بحور من النفط ، سجل أيها التاريخ أن غزة الصغيرة المحاصرة منذ 17 عامًا قهرت جيش يخشاه 21 جيش من الدول العربية ، وكيف رسمت غزة طريق الأمة وثبتت على مواقفها ولم ترضخ للاحتلال واعوانه ، سجل أيها التاريخ كيف دخل الصهاينة أرض فلسطين بوعد بلفور ، وسيخرجون منها بوعد من الله تعالى ، لأن فلسطين لا تقبل القسمة على اثنين…