لن تجده إلا في فلسطين، إنه مونديال العز والكرامة، نعم هو مونديال، لكنه فريد من نوعه, لأنه بالفعل حاضر على أرض الملعب منذ عام 1948 لم يتوف عن اللعب لحظة. أما مساحة الملعب؟ فهي 27 ألف كيلومتر مربع، شماله، جبال الجليل ، جنوبه صحراء النقب، شرقه بحر ، غربه نهر، أما وسطه فهو سهل ووديان، يتوج هذا كله أنه مهبط الديانات السماوية ، موعد المباراة، كل أيام السنة و فصولها. تشكيلة اللعيبة ,من كل الفئات العمرية (شباباً وأطفالاً ونساءً وشيوخاً) هم حراس القدس، وخط الدفاع عن جنين واريحا وغزة ورام الله ، وحيفا ويافا وعكا. أما عن الهجوم ، فهم الأسرى في سجون العدو الصهيوني، والجمهور الكريم هم أهل الشتات الفلسطيني في دول العالم. الشوط الاول بدأ بتاريخ 5 أيار عام 1948 وهو ما يعرف بالنكبة الفلسطينية وكلمة النكبة في اللغة العربية معناها الكارثة ، أي أن هناك مأساة إنسانية بدأت بارتكاب المجازر الجماعية والوحشية، واغتصاب النساء. أما الشوط الثاني، فتمثل في هدم المباني ، و حرق المساجد، و قلع الأشجار و تهجير البشر. هكذا بدأت المباراة مع الغياب الكلي للحكم.
الغياب الكلي للحكم ! نعم لأنها عقيدة صهيونية نشأت على الدم ، تقتل الأبرياء والأطفال والنساء، بلا حساب ولا رقيب. من هنا كان لا بد للشعب الفلسطيني و الذي لا يمتلك سوى إيمانه بالله ووطنه فلسطين، أن يعلن حالة التعبئة العامة إلى جميع أبناء فلسطين، سلاحهم الحجر والمقلاع والسكين، مقابل خصم صهيوني يمتلك كل ما يخطر على بالك من أنواع الأسلحة المحرمة دولياً .
في الشوارع الفلسطينية ترى الأطفال يحملون حجراً مقابل دبابة ، فبدلاً من يذهبوا إلى المدارس ويحملوا القلم والدفتر، وجدوا أنفسهم داخل سجون العدو الصهيوني يتلقون كل أنواع التعذيب و العنف الجسدي والنفسي واللفظي، أين هي المنظمات التي تعني بحقوق الطفل ؟ فالطفل الفلسطيني لم يُحرم حقوقه فقط ، بل هو طفل يتعرض كل يوم للقتل والتعذيب. برأيكم كم طفل فلسطيني الآن يوجد في سجون العدو الصهيوني؟ هل من مجيب؟
ننقل المشهد الآن إلى الهجوم، فهم الأسرى في سجون العدو الصهيوني ، ذنبهم الوحيد أنهم يدافعون عن أرضهم ومقدساتهم، يتعرضون للتعذيب والحبس الانفرادي، يصدر العدو بحقهم أحكاماً مدى الحياة ، والنتيجة، أصبحت أجسادهم مسرحاً للأمراض المستعصية، وبالرغم من هذا كله إلا أنهم مازالوا أحراراً داخل سجون العدو. أين هي المنظمات التي تعني بحقوق الإنسان؟ الأم الفلسطينية، لم أجد كلمات أكتبها في حقها، من أي نوع هي الأم التي تستقبل استشهاد ابنها بالزغاريد وتوزيع الحلوى ( البقلاوة) أي أم أنتِ أيتها الفلسطينية؟ أي نوع من أنواع التربية الوطنية زرعتيها في أولادك لتستقبلي خبر استشهادهم بالفرح؟ أي أم أنت أيتها المرأة الفلسطينية التي تحمل نعش ابنها على كتفها؟
ونعود إلى الجمهور الكريم وهم من يشاهدون المباراة من بعيد من الشتات الفلسطيني ،وما أدراك ما الشتات ، حدث و لا حرج ، حرمان ،و معاناة يعيشونها كل لحظة، وما زال اللعب مستمراً ، لماذا ؟ لأننا من وطن نصفه شهيد، والنصف الآخر لاجئ، والباقي ينتظر.