الوقت هو الحياة وميدان وجود الإنسان، والتعامل معه بالطريقة الصحيحة يتطلب منا العديد من المعارف والمهارات. فالإنضباط والدقة والإنجاز والمحافظة على التفوق ومواكبة العصر ومتغيراته، جميعها مفاهيم ترتبط بمعرفة الشخص بقيمة الوقت وما اكتسبه من مهاراته، وما يتمتع به من قدرات شخصية في توظيفه ليحقق طموحاته وإنجازاته في بيئة عمله.
ويعتبر الوقت من أهم الأركان الأساسية في علم التفاوض، والمفاوض الجيد هو من يحسن تقدير قيمة الوقت ليس لنفسه فقط بل للطرف الآخر أيضاً ليتمكن من تحديد استراتيجياته وتكتيكاته في الجلسات التفاوضية، فإذا كانت أهمية الوقت للمفاوض أعلى من أهميته للخصم فعليه تصميم استراتيجية لتوفير الوقت في التفاوض ويضع التكتيكات المناسبة لذلك، أما إذا كان الوقت أكثر أهمية بالنسبة للخصم فعلية تصميم استراتيجية لتضييع الوقت واستخدام تكتيكاتها كذلك.
وعادة ما يتم استخدام استراتيجية توفير الوقت عند التفاوض عندما تزداد أهمية السرعة في الوصول إلى إتفاق لأحد الطرفين، وتعتبر هذه الاستراتيجية العامة المطبقة والمعبرة عن الطبيعة البشرية ونجاحها يرتبط بشكل مباشر بعدم إشعار الخصم باستعجال النتائج أو إعلان الرغبة في سرعة الوصول إلى اتفاق. أما استخدام استراتيجية تضييع الوقت فهي فكرة تقوم على كسب المزيد من الوقت لصالح طرف ما في التفاوض لتحقيق مكاسب أعلى على حساب خصمه.
ولمعرفة المزيد عن استراتيجية تضييع الوقت ومهاراتها عند التفاوض علينا الإجابة على ثلاثة أسئلة هي: لماذا نضيع الوقت؟ وكيف نضيع الوقت؟ وكيف نواجه لجوء الخصم لتضييع الوقت؟ وعادة يلجأ المفاوض لتضييع الوقت للعديد من الأمور أهمها، الهروب من الإجابة على سؤال ليس من الحكمة الإجابة عليه الأن، أو تجنب تقديم تنازل من الواضح أن سير المفاوضات سيجرنا إليه، أو لتجنب إظهار ضعف الجانب التفاوضي أمام الأخر، أو لكسب الوقت للوصول لمعلومات جديدة تحسن الموقف التفاوضي، أو لإثارة الخصم ودفعه للخطأ عندما ينفذ صبره..، أما كيف يتم إضاعة الوقت فهناك العديد من التكتيكات لذلك منها طلب إيضاحات من الطرف الأخر دون مبرر حقيقي، تفريع المناقشات بدون داع في تفاصيل وأمور جانبية، التمادي في مناقشة التفاصيل، البطء في عرض وجهات النظر، ترتيب تلقي مكالمات لقطع الحديث، توسيع نطاق النقاط التفاوضية إلى أمور عامة ورفض التحدث في نقاط محددة.
أما السؤال الثالث وهو كيفية مواجهة لجوء الخصم إلى تضييع الوقت فأمام المفاوض بديلين، الأول هو تقويم امكانية التجاوب والمسايرة في تضييع الوقت في حالة أن يكون ذلك يتماشى وينسجم مع مصالح المفاوض، أما البديل الثاني فهو المواجهة لإفشال تكتيك الخصم لتضيع الوقت من خلال العديد من التكتيكات أهمها عدم التجاوب عند الخروج عن الموضوع أو تفريعات المناقشة الجانبية، والإجابة الموجزة عن الأسئلة، والإعداد الجيد بالبيانات والوثائق لكل الاحتمالات، وقبل ذلك وغيره كله ضبط الأعصاب يعد شرطاً أساسياً لمواجهة الخصم عند لجوئه لتضييع الوقت.