لا شك أن هذا الموضوع من الأهمية بمكان و تنبع أهميته من كون القرآن الكريم كان ولا يزال مصدر قوة هذه الأمة لما يمدها من إمكانات تحيا بها الناس حياة سعيدة أو هنيئة، ولعله سر من أسرار الخلود لهذا القرآن الكريم كونه يعالج الواقع ويعطي الحلول ويستشرف المستقبل،مستنداً في ذلك على الإعلام الهادف بكل الوسائل المتيسرة لكل زمان ومكان يستشرف بها المستقبل للحفاظ على الأمن المجتمعي، مقراً بدوره العظيم في الحياة الهادئة السعيدة ومعالجة ما يستجد في حياة الناس،فالإعلام أصله أن يسخر في الخير والبناء وسعادة المجتمع وبث روح التفاؤل والاطمئنان بين الناس، فالقرآن الكريم له دوره في تقرير الإعلام الهادف لحياة سعيدة بعيدة عن الشر لتقرير الأمن المجتمعي وتحقق ذلك عن طريق البرامج التي أسس لها القرآن الكريم في نظرته الاستشرافية للمستقبل القائم على الرؤى الحقيقية لأنشاء منظومة إعلامية متكاملة مرتبطة بواقع الحياة وغير خاضعة لمناهج مزيفة تحاول هدم الأمن المجتمعي في الدولة. فهو إعلام نظيف وهادف يتحلى بالصدق والواقعية،وتتحقق للفرد من خلاله معرفة ما يجري حوله بعيدا عن الدجل والخداع الإعلامي (المسييس) كما يتلقى الفرد هو وأسرته زادا ثقافيا ومعرفيا متابعا فيه أخبار العالم الذي يعيش فيه،ويهتم بأمرهم لتحصين مجتمعاتهم بالأمن وحمايتهم جماعة وأفرادا من المتربصين به.
فحقيقة الإعلام في القرآن الكريم جاءت من عناية القرآن بالأخبار الصادقة ونقلها في أوجز عبارة وأصدقها فهو يعد مرتكزا أساسيا في نقل الأخبار الصحيحة ولاسيما قصص الأنبياء وأقوامهم وما استخدموه من سائل بسيطة تخدم قضية كل قوم من خير وشر.ولعل ما يهدف إليه القرآن بالدرجة الأولى هو تقرير حقيقة العبودية لله تعالى وبيان الشطط في مخالفة عقيدة التوحيد التي جاء بها الأنبياء والتي لها أثرها على واقع الناس وسلامتهم واستقامتهم.
فالإعلام الهادف يثير قضية مهمة في تعاملات الناس، وهي الأمانة والعدالة اللتان تجسدهما وثيقة الصلة بالعقيدة في الله، والدينونة له وحده، واتباع شرعه وأمره.
وبهذا يكون القرآن الكريم باحة واسعة لاستشراف المستقبل وتقريره في كثير من الآيات القرآنية ليحقق ضرورة حياتية وحاجة حتمية للجودة في ما ينتج عن الإنسان ، وحسن نوعيته، وعمق أثره، فهو تخطيط للمستقبل باستثماره، بما يعود بالخير والفائدة على النفس والأسرة والمجتمع وهو هدف أمني مجتمعي.
وبذلك يكون نتيجة حتمية في استقرار المجتمع وأمنه فقد بين الله تعالى دور الكلمة التي تنقل بدون تمحص وتثبت أنها كلمة لها أثرها السيء على المجتمع وقد تؤدي إلى نشوب الحروب بين الأطراف المتحابة ورمى من قام بجلبها بالفسق لما يترتب على المجتمع من خرم للأمن وشيوع الفوضى في المجتمع الواحد مما يدلل أن للإعلام تأثير كبير على المجتمع أفراداً وجماعات.
وبهذا يمكن أن نطلق على القرآن بأنه أساس للإعلام الهادف لأنه جاء لصلاح أمة ودستورها الذي يأخذ بخطاها نحو الأمان وينظم معيشتها للتعايش مع مختلف الطوائف دون أن يمس معتقداتها.