إن الثورة الهائلة التي نعيشها اليوم، التي تقوم أساساً على تفاعل وسائل الاتصال عن بعد مع شبكات المعلومات والحواسيب الرقمية ، التي زودت المجتمعات الانسانية بكم ونوع من المعلومات حققت إنجازات ونجاحات أقرب إلى الخيال منها إلى الواقع ،إنها ثورة معلوماتية في طريقها إلى تغيير روتين المجتمعات تغييرا جذريا، كما غيرته الثورة الصناعية خلال القرون الماضية, لأنها تحولات أعطت الصدارة للمعلومات، فأخذت تلعب أدوراً كبيرة وحساسة في جميع مجالات الحياة الاجتماعية، الاقتصادية، الثقافية لتولد بذلك عصراً جديدا هو المواجهة الحضارية، حيث لا يُقاس تقدم الأمم بما لديها من أسلحة وإنما بقدرتها على مواجهة هذه الثورة المعلوماتية التكنولوجية الفائقة.
ولعل أهم ما تمتاز به الدول المتقدمة على الدول النامية هو التميز النوعي في الموارد الذي يمكن إرجاعه إلى مجموعة من العوامل في مقدمتها توفر مقومات استثمار المعلومات ولهذا العامل انعكاساته المباشرة على غيره من العوامل الاجتماعية والاقتصادية والصحية والتعليمية.
تعتبر المعلومات في الوقت الراهن سلعة تباع وتشترى ومصدر قوة اقتصادية وسياسية وعسكرية، وذلك لارتباطها بمختلف مجالات النشاط الإنساني وتداخلها في كافة جوانب الحياة العصرية, وبات الوعي بأهميتها مظهرا لتقدم الأمم والشعوب. وفي ظل تكنولوجيا المعلومات وظهور مجتمع المعلومات تغيرت هيكلية ومفاهيم العديد من مفاصل الحياة، مصطلحات تظهر مثل مكتبات بلا جدران، مدارس بلا مدرسين، موظفون بلا مكاتب وأخرى تحتضر وتنمحي، وفي هذه الأجواء تواجه المجتمعات في دول العالم الثالث ومنها المجتمع العربي تحدياتٍ كبيرةً وعديدةً أهمها عدم تفعيلِ قنواتِ التواصل مع التطورات السريعة في الخارج، وعدم التخلص من الثنائيات الفكرية وضعف حضورِها وتواصلِها مع الثقافاتِ الأخرى عبر وسائل الاتصال المختلفة وفي مقدمتها الانترنيت بسبب افتقارِ أغلبها إلى الحريةِ الفكريةِ إذا ما أرادت فتح حواراتٍ مع أية ثقافة أخرى، وضمور لغة التحليل وضعفها في التعبير واستخدام المفردات الخاصة بها واستخدام أساليب بدائية في عرض الأفكار، وتغليب التمجيد في الماضي وعدم استيعاب معطيات الحاضر.
ذلك بإعادة النظرِ في أسلوب نشرِها وفقَ منظور ثقافة الانترنيت، وحتى يتحققَ هذا الأمر لابد من تشجيعِ صناعةِ ثقافةٍ عربية تقوم على المعلومات التي تدخل في هيكلها ويعرض نبيل علي العلاقةَ بين الثقافة والمعلومات عندما تكون المعلوماتُ أداة الإنتاج الثقافي بوصفها المادة الخام لذلك الإنتاج وتوفرُ تكنولوجيا المعلومات بتنوعِ وسائلِها المصنعَ المثالي لوجوه الثقافةِ المختلفة، أما كونُها أداة للتنظيرِ الثقافي فهذا ما يبدو من خلالِ تحولِ المثقفِ من صاحبِ النظريةِ الواثقِ برأيه إلى باحثٍ يتابعُ نظريتَهُ وهي تنمو وتتحولُ وتتصادمُ مع غيرِها، وكل ذلك بفضلِ تكنولوجيا المعلومات والانترنيت التي أدت إلى القضاء على الاحتكار الأكاديمي للنظرياتِ والأفكار.
الثورة الصناعية الرابعة (4IR) هي العصر الصناعي الرئيسي الرابع منذ الثورة الصناعية الأولى في القرن الثامن عشر. تميزت بدمج التقنيات التي تطمس الخطوط الفاصلة بين المجالات المادية والرقمية والبيولوجية. وتميزت باختراق التكنولوجيا الناشئة في عدد من المجالات، بما في ذلك الروبوتات، والذكاء الاصطناعي، و block chain ، وتكنولوجيا النانو، والحوسبة الكموميةا وهي مجال متعدد التخصصات يشمل جوانب علوم الكمبيوتر والفيزياء والرياضيات التي تستخدم ميكانيكا الكم بهدف حل المشكلات المعقدة بسرعة أكبر من أجهزة الكمبيوتر التقليدية. يشمل مجال الحوسبة الكمومية بحوثًا حول الأجهزة وتطوير التطبيقات. أجهزة الكمبيوتر الكمومية قادرة على حل أنواع معينة من المشكلات بسرعة أكبر من أجهزة الكمبيوتر التقليدية من خلال الاستفادة من التأثيرات الميكانيكية الكمية، مثل التراكب والتداخل الكمي. تشتمل بعض التطبيقات التي يمكن أن توفر فيها أجهزة الكمبيوتر الكمومية هذه الزيادة في السرعة على تعلّم الآلة (ML) وتحسين الأداء ومحاكاة الأنظمة المادية. يمكن أن تكون حالات الاستخدام النهائية هي تحسين أداء المحفظة في التمويل أو محاكاة الأنظمة الكيميائية، وحل المشكلات التي تجدها حتى أكثر أجهزة الكمبيوتر فعاليّة في السوق مستعصية حاليًا.، والتكنولوجيا الحيوية، وإنترنت الأشياء، والطباعة ثلاثية الأبعاد، والمركبات المستقلة. وقد ربطها كلاوس شواب مع «العصر الثاني للآلة» من حيث آثار الرقمنة والذكاء الاصطناعي (AI) على الاقتصاد، لكنه أضاف دورا أوسع للتقدم في التقنيات البيولوجية. إنه يعرقل كل الصناعات تقريبًا في كل بلد. وتبشر اتساع وعمق هذه التغييرات بتحويل أنظمة الإنتاج والإدارة والحكم بأكملها، كجزء من هذه الثورة «اختراقات تكنولوجية ناشئة» في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي، والروبوتات، وإنترنت الأشياء، والمركبات ذاتية الحكم، والطباعة ثلاثية الأبعاد، والحوسبة الكمومية، وتكنولوجيا النانو. من المتوقع أن تشهد الموجة الرابعة من الثورة الصناعية التنفيذ المكثف للعديد من التقنيات الناشئة ذات الإمكانات العالية للتأثيرات المدمرة.
تستند الثورة الصناعية الرابعة إلى الثورة الرقمية، التي تمثل طرقًا جديدة تصبح فيها التكنولوجيا جزءًا لا يتجزأ من المجتمعات وحتى جسم الإنسان. تتميز الثورة الصناعية الرابعة باختراق التكنولوجيا الناشئة في عدد من المجالات، بما في ذلك الروبوتات، والذكاء الاصطناعي، وتكنولوجيا النانو، والحوسبة الكمومية، والتكنولوجيا الحيوية، وإنترنت الأشياء (IoT)، والطباعة ثلاثية الأبعاد، والمركبات المستقلة.
في كتابه «الثورة الصناعية الرابعة»، يصف الأستاذ كلاوس شواب، المؤسس والرئيس التنفيذي للمنتدى الاقتصادي العالمي، كيف أن هذه الثورة الرابعة تختلف اختلافاً جوهرياً عن الثلاثة السابقة، التي تميزت بشكل رئيسي بالتقدم التكنولوجي. تتمتع هذه التقنيات بإمكانيات كبيرة للاستمرار في توصيل مليارات الأشخاص إلى الويب، وتحسين كفاءة الأعمال والمؤسسات بشكل جذري، والمساعدة في تجديد البيئة الطبيعية من خلال إدارة أفضل للأصول.
كان «إتقان الثورة الصناعية الرابعة» موضوع الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2016 في دافوس كلوسترز، سويسرا.
وفقا ل Arik Segal ، تحتفظ الثورة الصناعية الرابعة بفرص فريدة لتحسين التواصل البشري وحل النزاعات.
تم استخدام كلمة الثورة الصناعية الرابعة لأول مرة في عام 2016، من قبل المنتدى الاقتصادي العالمي