“كانت هنا حضارة تنير العالم “.. أليست هي الجملة الكلاسيكية التي تتبناها كل كتبنا العربية باعتراف التاريخ! و لكن لأن ” الأيام دول ” فكان علينا أن نؤمن بحتمية تبادل أدوار القيادة الحضارية . لكن الآن مع واقع وباء كورونا الذي يجتاح العالم دون سابق إنذار تساوت كل الأدوار ، وأصبحت البشرية تبحث عن منقذ في فرصة مفتوحة للجميع.والسباق المحتوم فعلاً قد بدأ.
فلماذا كمنطقة عربية نريد أن نكتفي فقط بالركض وراء نشرات الأخبار لرصد مستجدات بورصة الوفيات العالمية وتحليل أسباب ظاهرة تفشي كورونا بين الابتلاء الالهي و خفايا مؤامرة بين كبار العالم الاقتصادي .بل إنه بات هناك سوقاً خصبة لتوقعات المنجمين علي الشاشات تعيش علي إجابة متي سينتهي كوفيد 19! ..كما ولدت أسواق تتنافس بشراسة على كعكة أرباح المطهرات والمعقمات.
وينتهي اليوم علي المواطن العربي إما بالانتظار الممل و إما بالرغبة في بعض الشهرة عبر تحميل المقاطع المرحة أو العظات علي الإنترنت .ويعاد السيناريو بنفس الترتيب دواليك.
ويغيب عنا في هذا وقت السؤال الذي لابد منه “أين صوت مراكزنا البحثية العلمية؟
فنحن نمتلك المزيج المناسب الذي يسمح لنا بدور فعال ضمن منظومة اكتشاف لغز الفيروس .. فلدينا عقول عربية خبيرة تعمل في مجالات الفيروسات في أكبر المراكز البحثية العالمية ودول تمتلك القدرة علي التمويل وتقديم البنية البحثية عالية الجودة لإدارة فرق عربية موحدة تدير بروتكولات علاجية ضد فيروس كوفيد 19..فنحن بحق نحتاج إلي ذلك .
فكلنا نعرف أننا في مرحلة تقف فيها البشرية فعلياً بين سندان مواجهة المجهول ومطرقة صاحب التوقيت الأسرع الذي سيخرج مليارات البشر من هذا الخطر ليشارك في إدارة مخرجات معادلة حضارية اقتصادية علمية تمتد للعقود المقبلة وأكثر .
فعلي سبيل المثال ..تشرع حالياً جامعة القاهرة في إدارة بروتكولات وتجارب سريرية تضم خلاصة العقول العلمية في الجامعات المصرية متسلحين بأمل تقديم رؤية مصل قد تواجه أو تقلل آثار كوفيد 19 .. فأين التمويل والمساندة العربية الفورية من هذه العملية ! ولماذا تغيب أضواء الإعلام العربي عن التعامل معها كمهمة حضارية تتطلب حشد رأي عام عربي شعبي موحد خلفها تتعدي مهمة نشر حملات العزل الاجتماعي بين فواصل البرامج وتكرار إعلانات شركات المطهرات بين مشاهد فيلم السهرة.
ليست رفاهية أو درب من شطط الأحلام في هذه الأزمة أن تسخر كامل الدول العربية العقول الخبيرة مع القدرات المادية العربية في فريق بحثي عربي موحد. فهناك مايقارب 400 مليون مواطن عربي يبحثون منذ عقود عن فرصة تجعل العالم يرى المنطقة العربية بعيداً عن الصورة النمطية المستهلكة والمتشددة والنفطية وإننا يمكن أن نكون مساهمين في مدخلات معادلة حضارية إن صدقت فيها المخرجات سوف تعود بالأسماء العربية إلي صفحات التاريخ ..فنحن نستحق المحاولة الكاملة لعل الله يضع سره في ” أوسط” خلقه.