أمر الله تعالى البشرية بالصلاح والإصلاح ونهى عن الفساد والإفساد وبعث رسوله بتحصيل المصالح وتعطيل المفاسد وتقنينها،وجعل العاقبة للمصلحين والدائرة علي المفسدين،فقال تبارك وتعالى “تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يرجون علواً في الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتقين” وأول ما حرمت تلك الشرائع السماوية من وجوه الفساد،فساد العقائد الذي يلوث العقول ويدنس النفوس ثم فساد الأخلاق والعبادات والتقاليد والعادات، قال تبارك وتعالى:” قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير حق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا علي الله ما لا تعلمون”
واستكمالاً لذلك الدستور الحكيم فقد أمر شرعنا بطلب الحلال وحرم علينا الكسب الحرام،وأمرنا بالنزاهة وصون الأمانة ونهانا عن التفريط والخيانة وأمرنا بمراقبة رب العالمين قبل مراقبة المخلوقين،إذ إن غرس الأمانة والتنفير من الخيانة يعين علي الإصلاح ويبعد عن الفساد،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أدي الأمانة إلي من ءاتمنك ولا تخن من خانك”
وكذلك عدّ الفساد الإداري والمالي من كبائر الذنوب والآثم.فاستغلال المنصب لأخذ الرشوة وأكل أموال الناس بالباطل ومحاباة الأقارب والأصدقاء، وأخذ المال العام وتقديم من حقه التأخير وتأخير من حقه التقديم ، كل ذلك من الفساد الذي نهى عنه شرعنا الحنيف،لأنه يحق الباطل ويبطل الحق، والله تبارك وتعالى يقول:” ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلي الحكام لتأكلوا فريقاً من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون”
فقد حارب الإسلام الفساد بكل أنواعه وعده من كبائر الذنوب والآثام ودعا إلي محاربته بشتى الوسائل والطرق المشروعة ،ومن وسائل مكافحته أن منع الإسلام تولية المسؤلية والمناصب لمن ليسوا أهلاً لها حتي لا يفسدوا فيها ويفرطوا في حقها.فعن أبي موسى رضي الله عنه قال دخلت علي النبي صلى الله عليه وسلم- أنا ورجلين من بني عمي فقال أحدهما للنبي صلى الله عليه وسلم- يارسول الله أمرنا أو أمرني علي بعض ما ولاك الله عز وجل وقال الآخر مثل ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم- إنا والله لا نولي علي هذا العمل أحداً سأله ولا أحداً حرص عليه “
ومن وسائل مكافحة الفساد أيضاً التعامل علي إنكاره والتناهي عن اقترابه ومزاولته .قال الله تبارك وتعالى”وتعاونوا علي البر والتقوى ولا تعاونوا علي الإثم والعدوان” كذلك علينا ألا نقترب منه بأي طريقة بل نبتعد عنه بكل الوسائل والطرق ذلك أنقى لأنفسنا وأطهر لديننا.
فلنتقي الله تبارك وتعالى ولنرعى الأمانة ولنحذر الخيانة ولنعلم يقيناً أن الله تبارك وتعالى لا يصلح للمفسدين عملاً ولا يحقق لهم أملاً، بل مآلهم إلي خزي وعار وعاقبتهم إلي خسران ودمار .قال الله تبارك وتعالى”لا تخونوا الله والرسول ولا تخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون”