الستون و السبعون هذان العددان هما متوسط ذالك العمر الذي تعيشه امة محمد صلى الله عليه و سلم، من يأمل الزيادة فربما لن يذهب بعيداً …المائة مثلاً، و لا احد يريد النقصان.
حين نفكر…في أن ذالك الرقم المحدد مسبقاً حتى و لو كان 100 أو 200، في كل انقضاء سنة هجرية أو ميلادية منه؛ يهمس الزمن في آذاننا “بقي من عمرك كذا” بعد أن ينزع من رقم الآحاد واحداً، و نحن ننتبه لهذه الهمسة احياناً بصفة معكوسة. سنة جديدة نفرح بها دون أن نشعر بتلك الخطوة التي نخطوها إلى الأجل.
هناك همسات أخرى أضعف تنبيهاً، الأشهر و الأيام و الساعات و حتى الدقائق.إنها فاصلة عمرية تنزع من ذالك الرقم.
دقات قلب المرء قائلة له إن الحياة دقائق و ثواني، ذالك العدد الثابت و الأجل المسمى الذي لا يؤخر. يقول تعالى” إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ”
تلك اللحظة الفاصلة بين عالم الدنيا المليئ بالفوضى و العبثية و الظلم و الشهوات و النزوات، و عالم الآخرة الذي يغدوا بحلوله ذالك العالم الدنيوي مجرد خيال. (وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ ….)
ذالك العالم الذي يبدوا أن لغة التحدث عنه أصبحت رجعية لدى البعض. ذالك العالم الذي يقام فيه العدل و تقضى فيه الحقوق و تذوب فيه القرابات و الشرائح و الفئات و الألوان و الدول و القارات.
الناس فسفاطان : أصحاب الجنة و اصحاب السعير. و القرب من تلك اللحظة المصيرية الدقيقة، يحتاج إلى الحزم و ترتيب الأوراق و مراجعة النفس أكثر مما يحتاج إلى الفرح و المرح و كأننا في نشوة إنتصار على الزمن.
و نحن قد أنهينا للتو عاماً لينقص من أجلنا رقماً ويزيد العمر بآخر. و استقبلنا عاماً جديداً. فأقول لكم باعتبار زيادة السنين،
أطال الله أعمارنا جميعاً في طاعته و اتباع سنة نبيه و أسعدنا و إياكم بالايمان و الأعمال الصالحة.و اقول لكم بلغة نقصان عام من الأجل، وفقنا الله و إياكم لما يحبه و يرضاه و جعلنا ممن يستعد للموت و يعد للسفر زاده.