رمضان... أيها الشهر المبارك!

on 07 June 2022, 06:22 AM
بقلم:القصطلاني سيدي محمد إبراهيم

بقلم: القصطلاني سيدي محمد إبراهيم

تمر الأشهر بحرمها و حلها، و تترك بصمتها، أيام الحجيج تنبعث التلبية من جبل عرفات تنادي البشرية بضرورة العودة و الأوبة و التوبة إلى الله تعالى، و بعض الأيام التي خصت بعينها بالفضل و في كل شهر ايام ليال بيض لها فضل في الصيام.

تلك بعض بصمات الأشهر، اما بصمة رمضان فهي بصمة متميزة بتميزه و متواصلة بتواصله و متجددة بتجدده.

إنه موسم للتقوى، و شهر يحمل كثيرا من معاني و شعائر هذا الدين.
من إخلاص النية لله تعالى بأن يكون الإنسان رقيبا على نفسه لترك الطعام و الشراب.

و فيه تنبيه للغني على معاناة الفقير من الجوع، فيصوم ليباشر و يقاسى ما كان يقاسي الفقير .

إنه شهر للعبادة بإمتياز.
فبينما الناس يمشون كيف شاءوا و يأكلون و يشربون و يمرحون بعفوية، في حياتهم الدنيا الفانية، إذ برمضان يوقفهم فجأة و ينصب أمامهم إشارة حمراء للتوقف و التنبيه.

توقفوا عن الأكل، توقفوا عن الشرب، دعوا هذا الصخب المستمر، و أنتبهوا لأنفسكم، لماذا خلقتم؟، أنتبهوا لعبادة الله! صوموا النهار و قوموا الليل.

رحلة جماعية ربانية في رمضان، تقصد التقوى، و وقفة مع النفس لكبح جماحها عن الغوص في شهواتها، صلاة و صوم و ذكر و صدقة و تبتل و تذلل لله تعالى.

يوميات رمضان، تجعلنا أكثر أنتباها لما خلقنا من أجله، و تسلك بنا مسالك الصالحيين.

تدريب على فعل الطاعات و اجتناب المعاصي يراد لكل مسلم ان يجد فيه دورة شهرية كل سنة.

رياضة تعبدية، يتخلص المرء فيها من رواسب الذنوب و يطرد عنه ما في جسمه المعنوي من مخلفات ضارة.

كؤوس من ماء التقوى نشربها في هذا الشهر المبارك، تجعل جوارحنا أكثر كفاءة لتأدية دورها.

رمضان …أيها الشهر المبارك!

على وجوه الصائمين تتراءى انوارك الربانية، و يرتسم شعاءك الوضاء في لياليك، لنسمعه قرآنا يتلى و محاضرات تلقى، و دعاء يقرع باب السماء.
نسماتك الجميلة، تسكن البيوت، و تعم الأحياء، و تصقل النفوس.

صُفدت فيك الشياطين، و نادى المنادي يا باغي الخير أقبل و يا باغي الشر أقصر..

فأقبل الخير و أقصر الشر…

أقبل الخير بإبتسامة فقير من عطاء المنفقين، و دمعة خاشع بين صفوف المصلين، و ترتيل قراء لآيات الذكر الحكيم.

و أقصر الشر، يطرده صوم الصائمين و قيام القائمين، و تهجد المتهجدين و دعاء المبتهلين.

رمضان… أيها الشهر المبارك!

أتيت لتضيئ لنا سنة كادت تظلم من الآثام، و تمحو ما تكدس من الذنوب عبر الأيام، و تنفض عنا غبار الكسل و تنشر الخير و السلام.

و في ختامك أيها الشهر المبارك ختام ليس كأي ختام.

ليلة القدر…. ليلة خير من ألف شهر، ليلة قيامها يساوي عمرا من أطول اعمار أمة محمد، عمرا مضى في طاعة الله.

هي إذن جائزة كبرى و هبة عظمى من الله الرحمن الرحيم تمنح لأمة محمد.

فكما أنك شهر القرآن الذي أنزل فيه، و شهر الصيام الذي فرض فيه، و شهر الإنتصار الذي بدأ فيه بانتصار بدر.
و شهر التقوى الذي جعل مدرسة للتقوى يتخرج منها المتقون.

أنت أيضا شهر التكريم و الجوائز، تعتق فيك الرقاب من النيران، و تضاعف فيك الاعمال و تمنح فيك عبادة عمر كامل، مقابل ليلة واحدة.

فهنيئا لمن استغل شهر رمضان فيما شُرع له و انتبه إلى فرصته و كرامته، فشد ساعده و عزم أمره، و صبر و احتسب الصيام و القيام و الإحسان لوجه الله تعالى.

جعلني الله و إياكم ممن صام رمضان و قامه إيمانا و إحتسابا لوجه الله تعالى..


بقلم: القصطلاني سيد محمد إبراهيم