في خضمّ الظروف التي يكابدها الوطن العربي، نحتاج إلى إعادة صياغة نظرتنا إلى أوطاننا، فهي نبع العاطفة نحو الأرض والتراث، وهي أيضًا المرتكز إلى انطلاقة بمنافسة حازمة، في ميادين العلم والاختراع والتصنيع، تؤطرها الثقافة المتجددة التي أصبحت تربط العقول بالعلوم والفهوم.
ومما يبعث على الأمل في ظروف اعتيادية أمام معيقات الحياة، الأعمال الجدّية في تنمية الأفكار الراقية مما يجلبه أبناء العروبة إلى أوطانهم، فقد أتعبنا الذين يذهبون فيتعلمون لغة غربية، وأول ما ينعقون به كلمات، مثل: “التخلف، العبودية، الفقر، الجهل…” فتنعت بها أوطاننا العربية، وينسى أنها أنجبته أولاً، وأنها قدمت للبشرية النّورَ والفكرَ المستنير، واستطاعت تخليص علوم الطب والفلك والهيئة والفلسفة من الضياع، وصاغت أول كلمات التاريخ، وصنعت بوصلة نحو العلياء.
و مؤخراً شاركت عبر التطيقات، بالحضور لمنتدى أقامته الهيئة العالمية الأمريكية للاختراع والتنمية والاستثمار، بالتعاون مع العديد من مؤسسات ومعاهد عربية، بعنوان: “ثقافة العلوم المتعددة تجدد مستقبل الدول النامية في ظل التغيرات الإقليمية الراهنة “. وكان المنتدى بإدارة عربية يرأسه الأردنيّ أ.د. إبراهيم الياسين. الذي أشار إلى: “أنّ المنتدى تمخض عن مؤتمرات علمية متخصصة، تكللت بتوصيات علمية رائدة في مجالات العلوم المتعددة والإبداعات والاختراعات”.
وفي طور التقدم البهيّ للصورة العلمية المشرقة في وطننا العربي الكبير، جاء المنتدى يجسّد العملَ الدؤوب لإيصال الفكرة السامية إلى المبدعين العرب ليرفعوا على عواتقهم الإنجازات، فتقول د.حنان صبحي عبيد، من الأردنّ نائبة رئيس المنتدى: “عملت لجان المنتدى العلمية على مدار ثلاثة أشهر، تتلقى فيها الملخصات والاختراعات، وعشرات الأبحاث للاطلاع عليها ودراستها بأدقّ تفصيلاتها”.
إنّ مثل هذه المبادرات النوعية، ينبغي تشجيعُها كأفراد ومؤسسات إعلامية، ووزارات تخطيط وصناعة وتجارة على امتداد الوطن الكبير، بإلقاء الضوء من ناحية وتحقيق طموحات الآملين من ناحية ثانية، لعله أن يأتي اليوم الذي يتمحور عن ولادة حميدة لاختراعات عربية ترفُد إلى الأسواق الدولية ولا ترقُد.
ومن الخطوات الأكاديمية العربية الناجحة المباركة، التي يقوم بها العرب في الغرب، من أمثال: أ.د/ناصر الفضلي رئيس مركز الاستشارت والبحوث في لندن وهو من الكويت الشقيق، ود. محمد عبدالعزيز المدير العام للمركز وهو من مصر الكنانة، في إدارة المؤتمرات والندوات في العلوم الإنسانية والعلمية، مما يحيطنا بالأمل ويعزز الثقة ويشعرنا بقدرات الشباب العربي على تحدي المعيقات والمشاركة الفاعلة بالذي هو خير.
وفضلاً عن الذي تحققه جامعاتنا العربية ومنها الأردنية، بالمنافسات القوية في التطور، فكان آخر أخبارها إحراز جامعة الزرقاء الخاصّة، مركزاً متقدماً عالمياً في: “مستوى جودة التعليم”. فالإبداع والاختراع بضاعة عربية بامتياز، فنشدّ على أيادي أبنائنا وبناتنا ممن يسعون لتحقيق التقدم، وننوه بدور العلماء المغتربين ممن لا ينسون أوطانهم، فبين الفينة والأخرى يزرعون الأمل فينا، كالرسالة التي جاءتنا من المرّيخ، من خلال مشاركة المهندس لؤي البسيوني في المروحية التي عادت علينا بصور من المريخ لأول مرة في التاريخ.
فالذين يخدمون الإنسانية بإنجازاتهم من أبنائنا في أوطاننا وفي الغربة، يدفعوننا لنخرج من القوقعة وننفض عنّا الغبار، لنجدد بالعلوم والثقافات ما يجعلنا نواكب العالم لترفرف أعلامُنا بإنجازات أعلامِنا.