بقلم الباحثة: ساره كميخ
المقصود بإدارة الذات:
قال الله تعالى : ( وفي أنفسكم أفلا تبصرون )
اذا أخذنا المعنى من منظور إداري فيمكن تجزئه التعريف إلى معنى الإدارة ومعنى الذات.
فالإدارة :
هي نشاط يسعى إلى تحقيق الهدف عن طريق الموارد والإمكانيات وحسن التوجيه والاستغلال.
و الذات:
هي اتجاهات الشخص ومشاعره عن نفسه وقيل هي العمليات النفسية التي تحكم السلوك.
ويمكن أن نقول إن إدارة الذات:
هي قدرة الفرد على توجيه مشاعره وأفكاره وإمكانياته نحو الهدف الذي يصبو إلى تحقيقه.
فالشخص الذي استطاع أن يحسن إدارة نفسه هو ذلك الشخص الذي استفاد من مواهبه وطاقاته ووقته ليحقق أهدافه العالية مع استمراره على حياة متوازنة .
ولكي نصل إلى إدارة واعية لذواتنا لابد أن تكون الرؤيا واضحة لدينا في ما نريد أن نحققه وأن تكون رسالتنا في هذه الحياة ماثله أمام أعيننا بوضوح وجلاء وبناء على ذلك نستطيع أن نصيغ أهدافنا التي نسعى لتحقيقها بناء على رسالتنا ورؤيتنا لأنفسنا في هذا الكون .
وأعظم ما يعين على استفادة الإنسان من مواهبه وطاقاته وتفعيلها هو الإيمان بالله تعالى . فالإيمان بالله يكسبك الثقة بالنفس والتوكل والاعتماد عليه سبحانه.
كذلك العلم الذي هو نور للإنسان في مسيرته في هذه الحياة ،فالجاهل وعدم الواعي تجده يتخبط كالأعمى لا يدري إلى أين (ولكنكم غثاء كغثاء السيل). وأما سفينة رحلة الذات التي لابد لكل مسافر أن يركبها ليصل إلى أهدافه التي قد رسمها فهي سفينة الصبر.
الصبر وحده هو الذي يشع لنا النور في حياتنا . كلما فكرت كلما قدمت. ويقولون (حياتنا من صنع أفكارنا ) إنها مقولة عظيمة.
فالتفكير هو الحياة، ولكن فيما نفكر؟ هل تفكيرنا سلبي أم إيجابي؟ واقعي أم خيالي؟
وفي التفكير لابد من الموازنة بين العقل والعاطفة علما أنهما غير متضادين . كذلك ما أجمل التخصصية في الأعمال والتركيز وعدم التشتت في الوصول للهدف بل وفي صياغة الهدف قبل ذلك .
تطوير الذات:
هو تطوير النفس بالنسبة للذين يريدون تطوير أنفسهم والآخرين من حولهم، من خلال استخدام تقنيات وطرق للمعرفة، واكتشاف طرق وأساليب للتعامل مع الحياة والنّاس، ولتطوير الذهن بطرق واعية وروحانيّة، وبهذا يكون لدينا قدرة أكبر للتعامل مع الأحداث المفروضة من الخارج ولإحداث التطوير من الداخل. وبهذا، سنكون أكثر تأثيرًا في هذه التعاملات.
التطوير الذاتي هو ذلك النوع من النمو والتقدم الذي يخطط لـه الشخص بنفسه وبمحض رغبته وإرادته بغية تحقيق أهداف محددة .وهو تغيير مستمر نحو الأفضل وتجديد دائم يجعلك تشعر بالحياة .
و هناك فارق بالغ الأهمية بين مفهوم الذات وبين احترام الذات. وهو فارق غاية في البساطة حقا، غير أن كثيراً من الناس يخلطون بين المصطلحين ويستعملون أياً منهما دون تمييز، في حين أنهما شديدا الاختلاف.
ولنفترض مثلاً أنك تعتقد في نفسك أنك شخص طيب. إن تعبير “الطيبة” تعبير عام عن جانب أو سمة في سلوكك، وهو جزء من مفهومك عن ذاتك. ثم عندما تطبق قيمك وتسأل نفسك: هل أحب هذه السمة أم لا؟
يمكنك أن تحظى باحترام إيجابي لذاتك إن كانت الإجابة عن هذا السؤال: نعم.
فاحترام الذات هو محطة تقييمك لمفهومك أو لما تراه في نفسك. فإذا تصرفت بطيبة، وكنت تقدر قيمة الطيبة، فأنك تحس بالرضا عن ذلك، ويمكنك القول بأن لديك تقديراً واحتراماً عالياً لذاتك. أما إذا لاحظت أنك تتصرف بفظاظة، فسوف تسخط على هذا الأمر وتقل درجة احترامك لذاتك.
أهمية التطوير الذاتي :
لماذا لا نبقى كما نحن ؟
لماذا محاولة التغيير ؟
ما جدواه؟
تطوير ذواتنا بمثابة النهر الجاري إذا توقف عن الجريان كثرت الأوبئة فيه .
وتحسين الذات، يجعلك فعّالاً أمام نفسك والآخرين ، يعرفك على مصادر قوتك ومكامن ضعفك ، يصنع ثقتك ويجعلك قادراً على تحمل المسؤوليات مهما كبرت ، ويمكنك من حل المشكلات بعقلية متزنة، تحسين ذاتك يصنع لك وزناً اجتماعيا ثابتاً.
كيف يتعلم الفرد ذاتياً ؟
عملية التعلم الذاتي مسألة تعتمد في الأساس على مقومات المتعلم العلمية والشخصية والنفسية والسلوكية والاجتماعية ، كما أنها تتطلب دافعاً وقدرة ووسيلة وطريقة , وأسلوباً وبيئة تتوافر فيها حوافز التعلم ويمكن أن يتعلم الفرد ذاتياً باتباع التالي:
– كشف الفرد عن أفكاره ومشاعره وسلوكه ( الانفتاح على غيره ) في مجال عمله.
– البحث عن ردود الفعل لما يكشف عنه من أفكار وسلوك.
– عدم الإفراط في تحليل سلوك وردود أفعال الزملاء .
– تطبيق ما يتعلمه الفرد في حياته العملية لاستخلاص النتائج والعبر الواقعية ذاتياً.
– تنمية روح المبادرة وعدم التردد في إرسال أو استقبال كل جديد.
– ترويض النفس على تقبل النقد, واحترام الرأي الآخر مهما يكن الاختلاف معه.
– استثمار جميع المواقف ( الإيجابية والسلبية ) وتحويلها إلى محطات تعلم ينتج عنها سلوك إيجابي جديد.
فالإنسان الناجح هو الذي يدرك كمية وقيمة الطاقات التي أودعها الله سبحانه وتعالى فيه وبناءاً على حجم هذا الإدراك يتخذ القرار المناسب حول كيفية استخدام هذه الطاقات ومن ثم يقّيم هذا الاستخدام.
إن الصورة التي يرسمها الإنسان عن نفسه ، هي الدافع الحقيقي وراء مجموعة السلوكيات الصادرة عنه. فطريقة عمل النفس البشرية ، كما يقرر المختصون، معقدة ومركبة ،لأن كل إنسان لـه مجموعة من المبادئ والقيم التي تتحكم في طريقة تفكيره ومن ثم مشاعره ورغباته والسلوك الصادر عنه.
وبناءاً على ما سبق فتطوير الذات :هو عملية تحويل أو تحول هذه الذات إلى الأفضل.
إن أول خطوات هذه العملية الصعبة هي الإيمان بإمكانية تطوير الذات، فأنت ما تعتقده عن نفسك فإذا اعتقدت استحالة تطوير نفسك فأنت بالتالي تجعل هذا التطوير مستحيلاً. فإذا ما تحقق هذا الإيمان بإمكانية التطوير، يأتي الدور على نوع آخر من الإيمان ، ألا وهو الإيمان بأهمية التطوير وما سيحدثه في حياتك من تغييرات إيجابية وقفزات نحو الأمام على جميع الأصعدة.
فالتطوير هو تطوير للروح بالتربية ،وتطوير للعقل بنور العلم والمعرفة، وتطوير للنفس بكريم الخلق، وتطوير للفكر بالثقافة، وتطوير لجملة المهارات باكتساب المزيد منها، فإذا علمنا أن هذه النواحي جميعاً تشكل تقريباً الأعمدة الرئيسية لمناحي الحياة المختلفة، أدركنا قيمة التطوير وأهميته.
إن عملية تطوير الذات لا تبدأ إلا باكتساب جملة من العادات والالتزام بمجموعة من المسؤوليات يمكن تلخيصها في الآتي:
– تحمل المسؤولية الذاتية: فما حك جلدك مثل ظفرك.
– الالتزام تجاه الذات: وهذا يستلزم التضحية بالوقت والجهد والمال.
– السيطرة على الذات: فالكل يبحث عن اللذائذ ويفر من الآلام والإنسان الناجح هو الذي يلتذ بما هو حقيقي اللذة ويتألم مما هو حقيقي الألم.
– الظفر بتأييد الآخرين أثناء العملية التطويرية.
– التطور المستمر: فالتطور رحلة لا نهاية لها.
– الصبر: لا تستعجل النتائج.
– الثقة في الذات مع تفاؤل وإقدام.
– الطموح والهمة العالية.
– البدء بالأولويات والأهم.
– لا تدع العثرات تتراكم.
أهم الصفات التي تهتم بتطوير الذات:
قوة الصلة بالله:
وهي أمر أساسي في بناء المسلم في المراحل الأولى من عمره حتى تكون حياته خالية من القلق والاضطرابات النفسية ، وتتم تقوية الصلة بالله بتنفيذ ما جاء في وصية الرسول صلى الله عليه وسلم لعبدالله بن عباس:
“يا غُلامُ أني أُعَلِّمُكَ كَلِماتٍ: احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجاهَكَ, إذَا سَألْتَ فاسألِ اللَّهَ , وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فاسْتَعِنْ باللَّهِ , وَاعْلَمْ أن الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ على أن يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ ، وَأن اجْتَمَعُوا على أن يَضُرُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُوكَ إِلا بِشَيءٍ قد كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ ، رُفِعَتِ الأقْلامُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ “رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
وفي رواية غير الترمذي زيادة
“احْفَظِ اللَّهَ تَجدْهُ أمامَكَ ، تَعَرَّفْ إلى اللّه في الرَّخاءِ يَعْرِفْكَ في الشِّدَّةِ ، وَاعْلَمْ أن ما أخْطاكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ, وَمَا أصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ وَاعْلَمْ أن النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ, وأن الفَرَجَ مَعَ الكَرْبِ ، وأن مَعَ العُسْرِ يُسراً”
الثبات والتوازن الانفعالي:
الإيمان بالله يشيع في القلب الطمأنينة والثبات والاتزان ويقي المسلم من عوامل القلق والخوف والاضطراب قال تعالى: ” يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ” “فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ” “هُوَ الَّذِي أنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إيمانا مَّعَ إيمانهِمْ”
الصبر عند الشدائد:
يربي الإسلام في المؤمن روح الصبر عند البلاء عندما يتذكر قوله تعالى:
” وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ”
وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: “عجباً لأمر المؤمن أن أمره كله خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا لـه وأن أصابته ضراء صبر فكان خيراً لـه”
المرونة في مواجهة الواقع:
وهي من أهم ما يحصن الإنسان من القلق أو الاضطراب حين يتدبر قوله تعالى:
” وَعَسَى أن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ”
التفاؤل وعدم اليأس:
فالمؤمن متفائل دائما لا يتطرق اليأس إلى نفسه فقد قال تعالى:
“وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ أنهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُون”
ويطمئن الله المؤمنين بأنه دائماً معهم ، إذا سألوه فإنه قريب منهم ويجيبهم إذا دعوه
“وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَأني قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعان فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ”
وهذا قمة الأمن النفسي للإنسان.
توافق المسلم مع نفسه:
حيث انفرد الإسلام بأن جعل سن التكليف هو سن البلوغ للمسلم وهذه السن تأتي في الغالب مبكرة عن سن الرشد الاجتماعي الذي تقرره النظم الوضعية وبذلك يبدأ المسلم حياته العملية وهو يحمل رصيداً مناسباً من الأسس النفسية السليمة التي تمكنه من التحكم والسيطرة على نزعاته وغرائزه وتمنحه درجة عالية من الرضا عن نفسه بفضل الإيمان والتربية الدينية الصحيحة التي توقظ ضميره وتقوي صلته بالله .
توافق المسلم مع الآخرين:
الحياة بين المسلمين حياة تعاون على البر والتقوى، والتسامح هو الطريق الذي يزيد المودة بينهم ويبعد البغضاء , وكظم الغيظ والعفو عن الناس دليل على تقوى الله وقوة التوازن النفسي
” وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كانهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاّ ذُو حَظٍّ عَظِيم”
تقبل ذاتك:
عندما لا تقبل ذاتك ، فأنك تصبح شديد الحساسية تجاه رفض الآخرين لك .
عندما لا تقبل ذاتك ، فأنك تفقد إيمانك بقدراتك الداخلية في كل مرة تحاول التغلب على جوانب ضعف مترسبة لديك.
عندما لا تقبل ذاتك ، فأنك تضيّع الوقت باحثاً عن حب الآخرين حتى تصبح متكاملاً .
عندما لا تقبل ذاتك ، تنحصر جهودك في محاولة قهر الآخرين وليس في البحث عن أفضل إمكانياتك .
عندما لا تقبل ذاتك ، فأنك تبالغ في تقدير قيمة الأشياء المادية .
عندما لا تقبل ذاتك ، فأنك تشعر دائماً بالوحدة ، وبأن وجودك مع الآخرين لا جدوى منه.
عندما لا تقبل ذاتك ، فأنك تعيش في الماضي .
عندما لا تقبل ذاتك ، فأنك تخاف مما يمكن أن يكشفه كل يوم يمر بك من حقائق عنك .
عندما لا تقبل ذاتك ، تصبح الحقيقة ألد أعدائك .
عندما لا تقبل ذاتك فأنك لا تجد مكاناً تختبئ فيه عن العيون .
إن قبول الذات ليس مستحيلاً ، أنه الوضع الوحيد الذي تستطيع تحقيق التطور من خلاله .
إذا تقبلت حياتك بكل ما فيها ، فلن تهدر إي جزء منها .
إن قبولك لذاتك هو كل شيء .فحينما تقبل ذاتك ، يمكنك قبول العالم كله .