إن في الإسلام بساتين خير لا تعد ولا تحصى ، من أفضلها بستان الأخلاق ، ولما لا وقد بُعث نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم محمدًا متممًا لمكارم الأخلاق .إن صنائع المعروف مثل الصدقة وصلة الأرحام وبر الوالدين و إغاثة الملهوف والإحسان إلي الناس وغيرها من أعمال الخير كلها من الأخلاق الجميلة التي حث عليها القرآن الكريم وأرشد إليها رسولنا صلى الله عليه وسلم- وصفة من صفات أهل الفضل والخير ومقصد عام وثابت من مقاصد شريعتنا الغراء ، قال الله تعالى :”وافعلوا الخير لعلكم تفلحون” فإغاثة الملهوفين ورعاية اللاجئين بسبب الحروب أو الفتن وكفالة الأيتام ، وبناء المساجد والمدارس والمعاهد والجامعات ، من أعظم أبواب الخير التي وعد الله فاعلها بالثواب الجزيل ، وأحب الناس إلي الله أنفعهم للناس وأحب الأعمال إلي الله سرور تدخله علي مسلم ، تكشف عنه كربة أو تقضي عنه ديناً أو تطرد عنه جوعاً، ومن مشى مع أخيه في حاجة حتي يقضيها فاز بالأجر والجزاء الجزيل من الله تبارك وتعالى .
وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر علي معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر علي مسلم ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه” ، ولاشك في أن كل ما سبق من فضائل الأعمال ومكارم الاخلاق التي يجب أن يتحلى بها المسلم في تعامله مع الناس ، لا شك أن لصنائع المعروف تلك آثار عظيمة تعود بالنفع علي صاحبها في الدنيا والآخرة، فمن آثارها في الآخرة الفوز بالجنان ورضا الرحمن، إذ إن أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة وهم أحق الناس بعفو الله وصفحه ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “تلقت الملائكة روح رجل ممن كان قبلهم فقالوا أعملت من الخير شيئاً قال لا، قالوا تذكر، قال كنت أداين الناس فآمر فتياني أن ينظروا المعسر، ويتجاوزوا عن الموسر، قال: قال الله عز وجل: تجاوزوا عنه” وكذلك أصحاب صنائع المعروف هم أحق الناس برحمة الله ورضوانه، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم-إن من الناس مفاتيح للخير مغاليق للشر وإن من الناس مفاتيح للشر مغاليق للخير فطوبى لمن جعل الله علي يديه مفاتيح الخير وويل لمن جعل الله علي يديه مفاتيح الشر .
فعلينا أن نكثر من صنائع المعروف،لنكون ممن لهم الحق في عفو الله تعالى ورحمته .
أيضاً من ثمرات صنائع المعروف أنها ترد الآفات والهلكات عن أصحابها ، مصداقًا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم-“صنائع المعروف تقي مصارع السوء والصدقة خفية تطفئ غضب الرب،وصلة الرحم زيادة في العمر،وأهل المعروف في الدنيا أهل المعروف في الآخرة،وأهل المنكر في الدنيا أهل المنكر في الآخرة وأول من يدخل الجنة أهل المعروف” .
فكم من صنائع للمعروف حمت صاحبها من مصارع السوء، وكم من مسلم نجاه الله من الشدائد التي لا يقدر علي كشفها إلا الله، نجاه الله منها بسبب فعله للخير، وكم من مسلم حفظ الله ماله بسبب الإحسان ، وكم من مسلم كشف الله عنه ضره وشفاه من مرضه بسبب معروف أداه للناس ، وكم من مسلم حفظ الله عليه أهله وأولاده من المهلكات بسبب دفعه الضر عن غيره. وقد أدركت ذلك المعني أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها،حينما عاد إليها النبي صلى الله عليه وسلم من غار حراء بعد لقائه الأول مع جبريل عليه السلام، ماذا قالت له؟
قالت له والله ما يخزيك الله أبداً ،إنك لتصل الرحم وتحمل الكَل، وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين علي نوائب الحق”، فاعلوا الخير واحرصوا على صنائع المعروف .