ها هي أكبر مراكز البحث العلمي العالمية تصرح بأنه “من المحتمل جداً أن يكون كورونا وباءًا يتعايش معه البشر لفترة طويلة، ويصبح موسمياً ومستمراً بالتواجد داخل الأجسام البشرية”، كما قال جين تشي مدير معهد الأكاديمية الصينية للعلوم الطبية، فيما أعرب علماء صينيون عن ثقتهم بأنه لا يمكن استئصال الفيروس التاجي الجديد كلياً من الوجود، كما حدث مع فيروس سارس، ورجحوا أن يصبح COVID-19 مرضاً موسمياً كالإنفلونزا..ليكون الخيار هو إعداد البشرية (للتعايش) مع وباء يحتفظ بقدرته الكاملة على القتل وقتما أراد.
والموجة العالمية باتت حالياً تروج على صف واحد لفكرة (التعايش) مع فيروس كورونا خصوصاً مع شروع الدول الأوربية الأكثر تضرراً من فيروس كورونا في الدخول بمراحل تخفيف إجراءات العزل الصحي مثل إيطاليا وإسبانيا وفرنسا وألمانيا.. مع الفرق الشاسع بين شمال المتوسط وجنوبه.
وحقاً لا نعلم بشكل يقين هل التعايش بات الطريق الوحيد كما أشارت جامعة هارفارد التي تحدثت في مقال خلصت نتيجته إلى صعوبة إغلاق المدن لهذه الفترة الزمنية الطويلة، وإلا سيكون الضرر على البشر من الإغلاق، أكثر بكثير من ضرر المرض نفسه! أم أن الوباء قام بالتهام الشركات والمؤسسات كـ “تسونامي” لا مفر منه، بما شكل موجة خطر موازية من خلال الموت عجزاً أمام متطلبات الحياة ..أم أن الدول الكبري قررت أن تستكمل سباقها المحموم على القمة حتى لو على حساب حياة البشر!
وفي منطقتنا العربية بدأت بوادر طرح وجس النبض ببنود (خطط تعايش) على المواقع وصفحات الجرائد وتصريحات المسؤولين تقدم خطط مبدئية كلها تكتفي ببعض التشديد على الكمامات وزيادة حملات التوعية وملصقات الارشادات! لكن الواقع في الشارع العربي يختلف..، فنحن شعوب تعيش في مواصلات مكتظة لا تعرف غير السعي الكادح على لقمة العيش وإلا البديل هو الاستغناء الفوري من قبل صاحب العمل كما حدث في قطاعات واسعة بمصر، وعدم توفر ميزانيات إضافية لمواد التعقيم وتغيير الكمامة بشكل يومي عند غالبية الأسر العربية، وأسواق شعبية نفسها تعد جريمة بيئية يومية تراكم عليها إهمال السنوات.. بل وإنه هناك قطاعات واسعة من الشعب العربي تتمرد على اجراءات الحظر من الأصل..ومناطق متناحرة تزايد بين دم الضحايا وكورونا.. ومستشفيات مستنزفة ومراكز بحثية عربية غائب دورها حتى الآن، وكوادر طبيه استهلكت طاقتها البشرية مع موجة الفيروس الأولي.. وبين أقدام الجميع جيل من الأطفال يكاد يتعلم نطق كلمة (ك.و.ر.و.ن.ا)!
إذا كان القدر الجديد للبشرية هو أن تتعلم وتتكيف على التعايش مع فيروس (كوفيد 19 – COVID-19)، خصوصاً مع إعلان وكالة الأدوية الأوروبية في بيان أنها “تقدّر أن يستغرق الأمر عاماً واحداً على الأقل، قبل أن يصبح اللقاح ضد كوفيد-19 جاهزاً لنيل الموافقة، ومتوافراً بكميات كافية للاستخدام على نطاق واسع”.. فعلي الجهات الرسمية والحكومات أن تضع (خلطة) عربية تناسب الواقع العربي لنستطيع أن نتعايش آمنين وتدور عجلة العمل بسلام ولا أن يكون كل يوم بحد ذاته حالة “عيش مع الخطر”، وليس الاكتفاء بتقليد “بروتكولات” رفع الحظر لدول غربية تمتلك الأدوات، والإمكانات وفوقهم وعي مواطن متضامن مع الإجراءات.. فنحن نحتاج أفكار جديدة ودعم المبادرات الفردية في المجتمع وتجنيد عقول العلماء العرب لمهمة إيجاد حلول وقائية أكثر فاعلية، واستقطاب متدربين جدد، لتدريبهم كممرضين وتأهيلهم كخط دعم للجيش الأبيض الذي لازال يعمل في الصفوف الأمامية وشفافية يومية ومراجعة موضوعية بحق مع المواطن عن مجريات الأمور، لا تنتصر فقط لرغبات رجال الأعمال وضغوط الاقتصاد.. في زمن صار فيه فيروس لا يري بالعين المجردة هو قدر العالم ونحن فيه.