لقد تشرفت بحضور ومتابعة المؤتمر الدولي التاسع لمركز لندن للبحوث والاستشارات المعنون ب تداعيات كوفيد ١٩ وسعدت بالطروحات العلمية المهمة التي طرحها أكثر من ٨٠ عالماً في مختلف التخصصات وطالعت باهتمام توصيات المؤتمر وكتبت عنها الآتي :-
الوصية الأولى :حفظ النفس
يقول الله تعالى : “ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة”
و يقول : “وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيما”
إن النفس البشرية هي مدار التشريع و محل الإستخلاف في الأرض و هي مناط الفكر و القول و العمل. لذالك نجد التشريعات تضعها في المقام الأول .فهي أم المقاصد الشرعية و الإسلام الذي هو دين السلام جعل النفس البشرية النقطة التي تدور حولها كل تشريعاتها .
و كل ما يتعارض معها إما ملغي أو معفي.فحتى مخالفة النطق بالشهادة تعفى تحت ظل إكراه النفس و الخوف عليها، “مَن كَفَرَ بِٱللَّهِ مِنۢ بَعْدِ إِيمَٰنِهِۦٓ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُۥ مُطْمَئِنٌّۢ بِٱلْإِيمَٰنِ وَلَٰكِن مَّن شَرَحَ بِٱلْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ” و الصلاة تسقط عن من خاف على نفسه كمن يترصده أسد و هو على شجرة و يسقط الصوم بمجرد الخوف من المرض والحج يشترط فيه أمن الطريق، و ما فرضت الزكاة إلا حفاظاً على ضياع أنفس الفقراء و تطهيراً لأموال و أنفس الأغنياء .
فكل أركان الإسلام تدور حول بوتقة حفظ النفس .و حتى الجهاد الذي هو قتال إنما فرض لحفظ كيان دولة الإسلام و نشر ما من شأنه أن يحيي في الناس الخير و السلام. قال الله تعالى :”وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَٱجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ ۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ”
و قد قال صلى الله عليه و سلم” لقد شهدت مع عمومتي حلفاً في دار عبد الله بن جدعان ما أحب أن لي به حمر النعم” رواه أحمد ، و حلف الفضول كان قبل البعثة، وفي هذا الحلف قال الزبير بن عبد المطلب :
إن الفضول تعاقدوا وتحالفوا
ألا يقيم ببطن مكة ظالـــم
أمر عليه تعاقـدواو تواثقوا فالجار والمُعترّ فيهم سالم
و التشريعات الجنائية ما جاءت إلى لتحفظ الأنفس ، قال الله تعالى: “وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون”
إن حفظ الأنفس من الهلاك و الضياع هو شعار يحمل في طياتها كل معاني الشعارات الحقوقية و الإنسانية التي تتبناها الهيئات الدولية و المنظمات الحقوقية ،و هو الخيط الناظم لضبط و توجيه ضمير الإنسانية إلى الإعمار و الحب و السلام.
لذالك كان لزاماً على البشرية أن تتواصى على هذا المقصد الجوهري لكل المقاصد.
وفي ختام مقالتي أشكر مركز لندن على هذا المؤتمر الناجح.