تلميذ أفحم أستاذه

on 17 November 2022, 08:00 AM

بقلم د. صلاح الدين عامر
بقلم د. صلاح الدين عامر

قال الأستاذ للتلاميذ: هل
ترون هذا القلم ؟ قالوا نعم، فقال الأستاذ: إذا فالقلم موجود.
ثم قال: هل ترون الله؟ قالوا: لا، فقال إذا فالله غير موجود!
فاستأذن أحد الطلاب للحديث، فقال للطلاب: هل ترون عقل الأستاذ؟ قالوا : لا، فقال : إذا فالأستاذ بلا عقل!
——–
سمعنا بهذه القصة كثيرا، وكيف أفحم الطالب أستاذه الملحد بذات منهجه الاستدلالي (الإيمان والتصديق بالمحسوسات فقط، أو المنهج المادي في الإيمان والاستدلال).
وهذا المنهج الاستدلالي في التصديق، منهج أقرب للحيوانات منها للإنسان، فإن أكثر الموجودات إنما تدرك بآثارها ، لا بالحس، ولا بالتخيل.
أرأيت الحواس الخمس، التي هي آلالات هذا المنهج الاستدلالي (السمع، البصر، الشم، الذوق، اللمس)، فإن السمع ليس ذات الأذن بل القوة المدركة للأصوات، وكذلك البصر ليس العين ، بل القوة المدركة للمبصرات، وهكذا..
فليست الأذن والعين سوى آلات للقوة المدركة بهما، فعلى ذات المنهج الاستدلالي هذا يلزم من صاحبه نكران حواسه، فهو لا يرى ولا يسمع ولا يشم، ولا يتذوق ولا يلمس سمعه ولا بصره، ولا شمه ولا ذوقه ولا لمسه، بل جل ما يراه آلالات هذه الحواس !
ولك أن تتصور ( القدرة، العلم، الخجل، الخوف، العشق،الغضب)، هل تدرك هذه المعاني بالحواس ؟ إن الناس يدركونها بآثارها، لا بحواسهم.
وإذا شاهدت رجلا يكتب، فإنك تشاهده بعينك فتصدق بأنه هو من كتب، وهذا هو الاستدلال بحاسة البصر.
ولكن يمكنك أن تعرف أشياء أخرى غير نسبة الكتابة لذلك الرجل؛ فيمكنك أن تستدل بالكتابة على أنه متعلم، وله إرادة جعلته يكتب، وله قدرة مكنته من الإمساك بالقلم وتحريك يده ، وهكذا تستدل بآثار الكتابة على معان لا تدرك بالحواس.
ومن هنا نستطيع القول: إن أكثر الموجودات لا تدرك بالحواس، ومن جعل الحواس منهجه في الاستدلال والإيمان فقد خرج عن دائرة المعرفة.
ولهذا كان من السهل على ذلك التلميذ إفحام أستاذه الملحد، وليس يحتاج المرء سوى بديهة سريعة ليقطع أصحاب هذا المنهج الاستدلالي الرديئ.