اليوم أكتب عنك أنتِ يا “بصمة عقل”
حين تعرض لي خاطرة أو تقرأ أعيني خبراً أو تسمع أذني حدثاً ملفتاً، تبدأ أناملي تبحث عن القلم و يبدأ التفكير ينصب في ما يدور حول تلك الحادثة أو الخبر من معاني و قيم، أحس و كأن في ذهني شيئ يحتاج للتفريغ .
فهنالك مشاعر تدقدق في خاطرتي تكاد تنطق إن لم أكتبها، و حين أهم بمسك القلم تبدأ الكلمات تتقاطر إلي و كأنها كانت تنتظر في الطابور.
بل أحياناً أحس أنها في زحمة شديدة فلا تكاد تنتظم جملة إلا حامت حولها أخرى تسابقها المعنى.
مرة يكون الوقت غير مناسب، فمشاغل العمل و أولويات المهام و التفاصيل الصغيرة و الهامة، تحشر التفكير في اتجاه لا يخدم الكتابة.و عندها تتراجع غريزة الكتابة و تهدأ،لتنتفض من سباتها عند أقرب فرصة.
إنه إيحاء فكري يتناغم مع الواقع و الخلفية الثقافية للكاتب.
و مرة تكون جاذبية الكتابة أقوى من المشاغل فأنزوي في زاوية و كأني في عالم آخر.وحين أنتهي مما أكتب أتساءل أحياناً أين كانت هذه المعاني و الجمل ؟
أراها في كيانها الجديد (مقال ؛ خاطرة ، تأملات ؛ …)
أراها شخصية إعتبارية مستقلة نوعاً ما عني،رغم ارتباطي بها “إنها بصمة عقل”، و أحس فعلاً أنه كان لا بد من خروجها إلى الوجود بتلك الصورة.أحكم عليها حكم الأب على إبنته إما أن أجدها مناسبة مشرقة و إما أن أرى فيها مستقبلاً موعوداً.
حين أقرأ إحدى كتاباتي القديمة أحس بأن حقبة فكرية من تاريخي تمر أمام أعيني ؛ فلا أكاد أمرر كلمة إلا وقعت أسيراً في هواها.
أنتِ أيتها الكتابة”بصمة عقل” محبوبة مقدسة في قاموس مخيلتي الفكرية التي جعلتك اليوم هدفاً لها. فبلغي تحيتي لإخوتي الكتاب على مدار الزمن و المكان، و قولي لهم إنكم أيها الكتاب فرسان الكلمة تفتحون الأذهان قبل البلدان، و تبنون الأفكار قبل الأمصار،و تهذبون نفوس الأنام قبل تهذيب الهندام، و تصلون القلوب بكل أناة و أدب.
تحية لكل كاتب اصطحب قلمه ببنانه ليرسم للبشرية لوحة من الأفكار المجيدة تصحح المسارات و تنير الآفاق بالقيم و الأفكار الجميلة، و تحرك في البشرية مشاعر الحب و السلام والاطمئنان.