النرجسية صفة كانت بالأغلب لأصحاب الجاه والثراء و الفعّالين من العلماء والأدباء والكتّاب والفنانين الكبار والسياسيين ومن لهم مكانة اجتماعية ممن كانوا يعتقدون أنهم أصحاب دماء زرقاء في عصرهم لكن في عصرنا هذا عصر التقدم التقني والتكنولوجي الكاسح بعد أن أصبح الجميع قادر على أن يعبر عن رأيه عبر حساباته الشخصية أو غيرها من الأمور المتاحة .
أصبحت هذه التقنية حاضنة أساسية لصفة النرجسية المعاصرة الجديدة مما جعلها تترعرع وتنمو في مخيلة وذهن كل من يعتقد أن كل مايحدث ويدور حوله من صنعه وبفضله أو له علاقة به .
نرى في كل المجالات بشتى أنواعها المتعددة من يظهر ويكرر (الأنا ) كثيراً ويمتدح كل عمل يقوم به ويستبسل دونه وكل من يظهر له عكس ذلك يستعديه مما جعلني أسميها ب النرجسية المعاصرة، رأينا المطربين والممثلين وإلاعلاميين وحتى الكتّاب وبعض من يحسبون على أنهم رجال دينكل يتكلم بنرجسية واضحة جداً.
مما جعل المتابع لا يستغرب أبداً ما يقوله لأنه يتوقعها مسبقاً والأغرب وأكثر عجباً أن هذه الصفه انتقلت لمستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي وبالأخص من كان لهم متابعين كٌثّر، نرى حب الذات طاغي على كل صفه لديه فأصبح كل قرار يتم أو أمر يحدث أو تغير يحصل يغرد ويعلق ويلمح بأن تغريدته تلك او تعليقه الذي قام به أو العمل الإعلامي الذي أنتجه كان هو اللاعب الأساسي في ذالك التغيير فاصبح هؤلاء يعتقدون جزماً بأنهم أصحاب التغيير وهم أصحاب العقول النيرة التي أصلحت الكثير من الاخطاء .
أنا لا أقول إنهم ليسوا فعالين، قد يكونون فعّالين بالفعل ولهم أدوار جيدة . لكن لا يفترض المبالغة بها أو تضخيمها أكبر من قيمتها الحقيقيه أضعاف وأضعاف.
والنرجسيه سابقاً كانت تغلب صفتها على الذكور أكثر من الإناث لكن في النرجسية المعاصرة نرى أن هذا الداء انتقل للإناث وبشكل كبير جداً ممن لهم دور بالمجتمع أياً كان مجالها أو تخصصها، وهذه النقطة هي ما يجعل نرجسية عصرنا هذا قد اختلفت نوعاً ما واصبحت ظاهرة حقيقية على الجنسين على حدٍ سواء .
والنرجسية أحد أسبابها الأهمية التشخيصية لتقدير الذات من ما يكتسبه أو مايعتقد أنه يكتسبه من الصفات والتصورات أو من ما يقوم به العقل من تمثيليات من ما يسمى علمياً ( باثولوجيا ) الشخصيه البينيه والنرجسيه .
وأيضاً الإعجاب المفرط بالذات عندما يصبح الإعجاب بالذات يصل لحد الإفراط يكن صاحبه وصل إلى حد المرض فيصبح شخصية مريضه بحب التعامل معها على هذا الأساس وأن يحاول جاهداً على معالجه نفسه حتى لا يصل إلي مراحل متقدمة تفقده الكثير من مكانته وحب الناس له وحتى المقربين منهم . و النرجسية لها عدة أشكال :
نرجسية فردية وهذه معروفة بحب الفرد لذاته، والنرجسيه الاجتماعية وهي ما يحسه الفرد بنفسه، يحسه تجاه هذه الجماعه سواءً أسرية أو قبلية أو مناطقية .أو نرجسية طائفية أو الايديولوجية وهذه النرجسيه تعتبر من أخطر ما قد تواجه الأمم لما تحمل من الأخطار وتتسبب في الحروب، وإقصاء الآخرين وتكون سبباً في التغيير الديموغرافي للشعوب .
ختاماً على كل منا ان يتحلى بالواقعية والعقلانية و الابتعاد قدر الإمكان عن حب الذات المؤدي لهذه الصفات.
فالنرجسيه هي داء المجتمعات وهي المتسببه في الكثير من التفرقه والحقد والبغضاء.