تحتفل المرأة العربية مع بقية نساء العالم في الثامن من شهر مارس/آذار بيومها العالمي، والذي تم تحديده من جهة المنظمات الدولية للاحتفال بهذه المناسبة، فتتوهج الأحرف وتشتعل القصائد، وتجيش عواطف الشعراء وتتفجر بحور شعرهم فتقذف على شواطئ الحب لآلئ منظومة من أجمل الكلام وأعذب ما قيل في المرأة.
فإذا كانت الكتابة مهنة شاقة فإن الكتابة عن المرأة فيها صعوبة من الكتابة في أي مجال من المجالات الأخرى، نظراً لتشعب تفاصيل المجالات التي تقوم بها المرأة. من هذا المنطلق فإنه كلما طلب منى الكتابة عن المرأة أجد نفسي “لا إرادياً” أنساق إلى التطرق إلى جمال الطبيعة الخلابة والأرض والوطن، وهذه المعادلة الإنسانية جاءت من خلال هذا الإحساس القوى بمسيرة الحياة، وخلال الأزمات الاجتماعية وقسوة الظروف الطارئة الكبيرة والخطيرة يتجلى دور المرأة بشكل هادئ وعنف واحد.
وعندما شرعت بالكتابة عن المرأة تكونت في مخيلتي أجواء نفسية خاصة، نعشت في ذاكرتي رائحة الربيع، فتكحلت عيني برؤية تفتح الزهور وانتشار مساحات الورود لتغطي أرض الوطن في الحدائق وفي المتنزهات، واكتملت منظومة الفرح بتحقيق الأمنية السعيدة بهطول زخات المطر، فوجدت نفسي خجولاً لكي أفصح للجميع بكل ما يكنه جدار القلب من مشاعر وإحساس فياضة الملازم للبراءة والنقاء.
بهدوء تحاول المرأة التغلب على مصاعب الحياة وتفاصيلها اليومية، وهكذا نحس ونتحسس الأمر نحن معاشر الرجال، لكن في حقيقة الأمر هو أن ثمة عنفاً داخلياً غير مرئي يحرك المرأة لكي تسيطر على تلك اللحظات الصعبة التي لا يقوى الرجال على تخطيها، صورة الوطن نفسه، انظروا معي وحدقوا واستمروا بالتحديق في وجه المرأة وهي تحتفل بالمناسبات السعيدة. فالمرأة مخلوق ذو مشاعر حساسة يتضرع له الجمال وينحني لهاماتها من يفهم معني جمال الروح وجمال الانتماء وحب جمال الطبيعة في رحم أمنا الكبرى الأرض، بكل ما تحمل وما ننتمي إليها ساعة خوفنا من المجهول، وفي لحظة زهونا تجد أننا أبناء نزعل ونتدلل وربما نبكي من فرط في أحضانها الدافئة.
لقد ذكرت أماً عزيزة وكريمة، وذكرت زوجة صالحة طيبة، وذكرت أختاً عفيفة وامرأة محصنة، ونجد أن تراثنا الإسلامي ملئي بصور مشرفة لنساء ضربن المثل الأعلى في رجاحة العقل، وتدبير الأمور، وطهارة النفس، وعفة البدن، فالأم في المجتمع الإسلامي هي أم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها)، وهي الزوجة الصبورة (سارة)، وهي الابنة الطاهرة (مريم)، وهي الملكة الحكيمة (بلقيس)، وهي المقاتلة المجاهدة الشرسة (الخنساء). وقد قيل الكثير فيها وحملت كتب التراث العديد من المعاني التي تجسد صفاتها، كما كتب عنها المؤرخون والفلاسفة والشعراء وغيرهم، ومما قيل فيها وعنها:
وصفها الشاعر العربي الكبير حافظ إبراهيم بالمدرسة، وقال: (الأم مدرسة إذا أعددتها – أعددت شعباً طيب الأعراق)، ويحن الشاعر أبو الطيب المتنبي إليها بقوله: (أحن إلى الكأس التي شربت بها – وأهوى لمثواها التراب وما ضما)، أما الشاعر العربي الكبير محمود درويش فيسمها بطريقته الخاصة إذ يقول (لن اسميك امرأة سأسميك كل شيء). وقال الفيلسوف المعروف شكسبير (ليس في العالم أنعم من حضن الأم)، أما ماري هو بكنز فقالت: (الأمومة أعظم هبة خص الله بها النساء)، في حين قال لينكولن (أني مدين بكل ما وصلت إليه وما أرجو أن أصل إليه من الرفعة إلى أمي الملاك). ويقال بأن وراء كل رجل عظيم امرأة.
المرأة ثلثي المجتمع، فالمرأة تعمل وتجاهد في مجالات الحياة كافة وحسب مقدرتها واستطاعتها، فالمرأة تعمل في الأرض والزراعة وتكافح من أجل الحصول على محصول جيد يساعدها على الاستمرار في الحياة والمساهمة في العطاء للرقي بمستوى الزراعة، وهكذا نجدها في المجالات الأخرى. والمرأة مخلوق رقيق المشاعر يتناسل تحت جلد الشعراء فيحلوا لهم أن ينعتوه بكل ما رق من وصف وجمال، أي شاعر في بقاع المعمورة لا تشكل المرأة عنده هاجساً كبيراً في حياته! وقد تكون هي ملهمة شعره! كما أن المرأة تكون عند الرجل مدار الحياة المحترق أبداً هي زيت كل قنديل أماً وأختاً وزوجة وابنة وحبيبة، بل وهي تكاد أن تكون عند البعض منهم الحطب كله، ومن دونها لا يمكن لشيء أن ينمو، حتى القصائد الوطنية ما كان لها أن تكون بهذا الكم من التدفق والاشتعال لولا وهج هذا الحب الأبدي الذي يعطي للروح توقدا وللقلم إلقاً فيكتب لها الشعراء والمحبين قصائدهم ومنجاتهم، ولهذا يقال بأن المرأة ثلثي المجتمع وليس نصف المجتمع.
ويلعب الإعلام دور مهم وناجح في تغيير صورة المرأة للأفضل في دول العالم، ومنها الدول العربية، إذ يتبلور هذا الدور في كافة مجالات الحياة، الاجتماعية والتربوية والاقتصادية يوماً بعد يوم، حيث أصبحت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي تقدم المعلومات المختلفة للمرأة، لاسيما من خلال الإذاعة والتلفزيون، وذلك بحكم أن هاتين الوسيلتين من أهم وسائل الإعلام تأثيراً في المرأة نظراً لسهولة متابعتها وتواجدها في كل منزل، وتواجدها لمدد طويلة بالقرب منها، وعلى وفق هذه الرؤية ينبغي أن يكون الإعلام النسوي المتخصص وثيق الصلة بالمرأة وقضاياها المنشودة، وبأهداف التنمية بعيداً عن المصالح التجارية الضيقة التي تهدف إلى استغلال جسد المرأة في الترويج للإعلانات الهابطة. ولا يمكن لأحد التشكيك في قدرة وسائل الإعلام في التأثير على الجمهور النسوي، فوسائل الإعلام تقدم كل ما يتصل بقضايا المجتمع في المجالات الثقافية والاجتماعية والسياسية، وأظهرت أدبيات علوم الإعلام أن تأثير وسائل الإعلام وقوتها من خلالها بكيفية استخدام هذه الوسائل والتخطيط والكادر الإعلامي والأهم من هذا معرفة الجمهور وخصائصه، وكيفية مخاطبة المرأة في الرسالة الإعلامية.