يضرب لنا سلفنا الصالح مثلا في كيفية الاختلاف؛ فهذا يونس بن عبد الأعلى أحد تلاميذ الإمام الشافعي (رحمه الله) كان قد اختلف مع الشافعي في مسألة، وظل كل منهما يدافع عن رأيه بحججه وبراهينه، اليكم اعزائي تلك القواعد :
– أما القاعدة الأولى ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم:
”وخيرهما الذي يبدأ بالسلام” فالاختلاف مع الكبر دليل الإثم، والتواضع مع الاختلاف دليل الإيمان.
(الاتفاقات لا تمحو الاختلافات)
– أما القاعدة الثانية، ليس من الصواب نسيان الاتفاق والتركيز على الاختلاف، فغالبا ما تجمعنا مئات وآلاف المسائل والقضايا، والاختلاف بيننا عادة ما يكون محدودة، فكيف ينسى كثرة الاتفاق مع قلة الاختلاف، وهي رؤية حكيمة حيث تغلب الرؤية الإيجابية على الرؤية السلبية، وأن الغالب للكثرة وليس للقلة، وقرر الفقهاء في قواعدهم: النادر لا حكم له، ولهذا رجح البعض رأي الجمهور في كثير من المسائل.
(كسب القلوب مقدم على كسب الآراء).
– القاعدة الثالثة التي أسس لها الإمام الشافعي في محاورته لتلميذه أن كسب القلوب مقدم على كسب الآراء، فقد تكون على صواب في محاورة بعض الأشخاص، وقد يكون من الحكمة أن لا تشد عليه في الرد؛ كسبا لقلبه، حتى وإن كنت تعتقد نفسك الأصوب، فالتنازل عن كسب رأي لأجل كسب قلب من صفات العقلاء الصالحين.
(لا تهدم ما بنيته).
– وأما القاعدة الرابعة التي أسس لها الإمام الشافعي ليس من الحكمة هدم ما بنيته، فالبقاء عليه أولى، فربما تحتاجه، فنحن نبني جسور الود والوصال مع كثير من إخواننا وأصدقائنا، وهذه الجسور ربما تبنى في سنين، فليس من الحكمة هدمها في ساعة، فلربما كنا أحوج إليها مستقبلا.
(اكره الخطأ ولا تكره المخطئ).
-القاعدة الخامسة: يقررها الإمام الشافعي بقوله: اكره “الخطأ” دائمًا… ولكن لا تكره “المُخطئ” ، وما أحوجنا اليوم إلى هذه القاعدة الحكيمة، وأن نفرق بين الفعل وصاحبه،. وقد أكد الفقهاء هذا المعنى حين قرروا في القواعد الفقهية قولهم:” الحكم على الأفعال، لا على الذوات”، يعني أن الأصل أن نحكم على قول فلان، أو أن نحكم على فعل فلان، ولكن نحكم على فلان، إلا إذا غلب عليه أمر اشتهر به، ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن الشيطان الذي كان يسرق بيت مال المسلمين وكان أبو هريرة أمينا عليه، حين قال الشيطان لأبي هريرة: ” إذا أويت إلى فراشك، فاقرأ آية الكرسي، فلا يزال عليك من الله حافظ حتى تصبح”. فقال النبي صلى الله عليه وسلم:” صدقك وهو كذوب”، فوصف كلامه بالصدق رغم أنه شيطان، وهذا من النصفة والحق، ولكن وصفه بأنه كذوب، فهو وصف للشخص لأن الغالب عليه الكذب.
فالأصل في المسلمين العدول أن نحكم على أقوالهم وأفعالهم، دون الحكم على أشخاصهم، فنفرق بين الفعل وصاحبه.
(ان بغض المعصية وارحم العاصي).
– ثم تأتي القاعدة السادسة في الاختلاف ” ابغض بكل قلبك “المعصية”… لكن سامح وارحم “العاصي”.. وهي تتمة للقاعدة السابقة، فالقاعدة الخامسة تتناول الحكم على الفعل لا على الشخص، ثم تأتي القاعدة السادسة تكملها، وهي أن نبغض الفعل الذي هو المعصية، لكن لا نبغض الفاعل وهو العاصي، ولهذا، فإن الحب يتوجه إلى الطاعة، والبغض يتوجه إلى المعصية، وقد ورد أنه من تمام الإيمان أن تحب لله وأن تكره لله،
(انتقد القول واحترم القائل)..
وأما الدرة الشافعية السابعة فهي: ” انتقد “القول”… لكن احترم “القائل”… فإن مهمتنا هي أن نقضي على “المرض”… لا على “المرضى
فيبين الشافعي أن النقد يتوجه إلى القول لا إلى قائله، بل الواجب أن يحترم المسلم أخاه وإن اختلف معه ليس قصده الانتصار على الخصم، بل الانتصار للحق، فالداعية والعالم والمصلح كل هؤلاء مهمتهم إصلاح الناس لا الانتصار في الخصومة عليهم.