العولمة "قرية العالم الصغيرة"

on 16 March 2022, 09:24 AM
 د. أحمد سمير، مؤسس ورئيس مؤسسة الحياة المتزنة العالمية
د. أحمد سمير، مؤسس ورئيس مؤسسة الحياة المتزنة العالمية

العولمة مصطلح جعل العالم قرية الكترونيّة صغيرة تترابط أجزاؤها عن طريق الأقمار الصناعيّة والاتصالات الفضائيّة والقنوات التلفزيونيّة، وقد رأى الباحثون أن العولمة تقوم على أربع جوانب أساسيّة، الجانب الاقتصادي، والجانب السياسي، الجانب التكنولوجي، والجانب الثقافي، لكن هل هذا التقارب مفيد وإذا كان مفيد وإيجابي فمن المستفيد الحقيقي في هذه المعادلة؟
للأسف سوف لا أجيب لكم على هذا السؤال في هذه الكلمات القادمة ولكني سوف أظهر لكم بعض المعالم لكي يحدد القارىء، مَن المستفيد ولماذا؟
لذا سوف أستعرض بعض أهم ظواهر كل جانب؛ لتتضح الصورة.

الجانب السياسي، ظهور العديد من الصراعات السياسية بين القوى العالمية الكبرى، و ظهور العديد من المنظمات الدولية مثل منظمة التجارة العالمية (WTO)، وهيئة الأمم المتحدة (UN)، وظهرت مفاهيم القانون الدولي، كما تساهم العولمة بشكل كبير في هيمنة دُول العالم القويّة على الدُّول النَّامية والضعيفة، من خلال التأثير على اقتصادها، مما ينقلنا للجانب الاقتصادي، ففتح الأسواق العالمية لتحقيق استفادة أكبر لمنتجين السلع في الانتشار،و التوسّع الاقتصادي لبعض البلدان أدي إلى رفع مستوى دخل الأفراد، و تبادل الأفكار والمهارات نتيجة انتقال العمالة البشرية بين الدول المختلفة، كذلك المساهمة في اقتراض الأموال من الدول الرأسمالية لسد عجز الدول الفقيرة،
و زيادة وعي العمالة البشرية بالفروقات الكبيرة في الأجور بين الدول، الضغوط الإعلامية للعولمة أدت إلى رفع مستوى أداء الحكومات، و وفرة البضائع بأسعار أقل، و رفع جودة المنتجات نظراً للتنافس الشديد بين الأسواق، كذلك خفض تكلفة السلع والخدمات وجعلها في متناول الأيدي، و زيادة تكلفة بيع المنتجات خارج الدولة المصنِعة وذلك بسبب فرض الرسوم الجمركية ورسوم التصدير، استغلال العمالة الوافدة لتقديم سلع منخفضة التكلفة وذلك على حساب عمالة بتكاليف أقل مع استغلال كامل طاقاتهم، و صعوبات توسّع الشركات عالمياً؛ حيث يحتاج ذلك إلى رأس مال كبير مع مرونة عالية في مواكبة قوانين العمل المتغيّرة والخاصة بكلّ دولة، أيصاً خطر فقدان الوظائف المحلية نظراً لتفضيل بعض الشركات للعمالة الوافدة أو نقل مجال عملها خارج نطاق الدولة، تركيز القوة والثروة في أيدي فئة محددة من الشركات الكبرى. أما عن الجانب الثقافي،
فزيادة وعي الشعوب ببعض القضايا العالمية مثل: تغيُّر المناخ، و
المساهمة في زيادة اهتمام الشعوب بقضية حقوق الإنسان، و تنمية شبكات التواصل المعرفية والثقافية، كذلك تطوير أنماط الحياة، والسلوكيات الاستهلاكية للأفراد، و المساهمة في تحرير الإعلام عالمياً، كما شجّعت على تطوير مستوى الفنون وتبادلها،
و ساهمت في زيادة وعي الأفراد حول طبيعة السلع المستهلكة وظروف إنتاجها، زيادة الحوار بين الثقافات المختلفة، و فقدان الهوية الثقافية؛ حيث أصبح من السهل الاندماج في ثقافات المجتمعات الأخرى ، ممّا يُهدّد الملامح المميزة للثقافة الأصلية،إذن فالعَوْلمة أدت إلى سيطرة الثَّقافات القوية ونشر قِيَمها وهيمنتها على الثَّقافات الضعيفة. وإذا تطرقنا إلى الجانب التكنولوجي نجد تبادل التطوّرات التكنولوجية والمعرفة أدّت بشكلٍ أسرع في نشر التكنولوجيا والابتكار بين الدول، و ارتفاع مستويات التلوث، حيث أدّت العولمة إلى زيادة الاعتماد على مصادر الطاقة غير المتجددة، وظهور ثورة التقنيات والمعلومات والاتصالات، كذلك الانتشار الواسع لشبكة الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، كما ساهم الإنترنت في جعل السوق العالمي متوفّر بشكلٍ دائم بين يدي المستهلك.