كانت حياة المرأة في بعض المجتمعات الإسلامية تتراوح ما بين الجمود المبني على العادات الموروثة التي تمنع المرأة بعض الحقوق التي كفل لها الإسلام لِما هو مصلحة في الأزمان السابقة، وبين شبهات الأحكام البشرية الصادرة عن الأمم غير الإسلامية التي اتهمت الإسلام بعدم الصلاح للأزمنة والأمكنة. ذلك لأن صورة الشيئ تظهر على ما عليه المنتسبون إليه. فلذلك كل ما عليه المسلمون عندهم من الإسلام.
فعلى ذلك سهيت في بحثي بعنوان “حقوق المرأة في الإسلام بين الواقع والشبهات المعاصرة” إلى إعطاء صورة واضحة لمكانة المرأة في الإسلام، وبيان الحقوق التي كفلها لها في كافة مجالات حياتها. فأوردت مكانة المرأة في العصور القديمة، وما أصابها من الذل والاحتقار في ظل الأحكام البشرية والديانات المنحرفة. ثم سلطت الضوء على تخليص الإسلام للمرأة من العنف والممارسات الظالمة التي تلحقها وتضعف من إمكانيتها وسعيها لتحقيق ذاتها. وكيف أن الإسلام عظم شأن المرأة، وتكفل لها بحفظ الحياة والتمتع بكامل الأهلية في جميع أطوارها العمرية ، حيث يلتزم أبوها بنفقتها وحسن تربيتها فإن لم يوجد فالجد فالأخ فالعم. وحث في كونها زوجة على حسن المعاملة بها بالمعروف ونهى عن ضربها. وفي كونها أمّا قدم الإسلام برها على بر الوالد.
ومن حيث التكاليف الشرعية ساوى الإسلام بينها بين الرجل إلا في بعض الأماكن التي يرى الشارع فيها مصلحة لسبب اختلاف التكوين بين الجنسين من حيث ما يلحقها من العوارض الطبيعية كالحيض، أو القوة الجسدية، أو اختلاف المسؤوليات الاقتصادية التي تثمر تفاوتاً بين الجنسين في الميراث. ومن حيث الإقامة بالأدوار في بناء المجتمع والدولة، فالقيام ببعض الأعمال في بناء المجتمع حق من حقوق الأفراد. والإسلام قد جعل عمل المرأة في بيتها من قبيل الواجب العيني والأصل الذي هي مسؤلة عنه. ولم يمنعها من الخروج للعمل خارج بيتها ما دام ماتقوم به مباحاً شرعاً، ومتناسباً مع طبيعتها، ولم يكن له تأثير سلبي على حياتها العائلية، وتحققت من التزاماتها الدينية والأخلاقية. فيُفهم فيما قدمناه أن الإسلام سوى بين الجنسين مساواة عادلة وهو أفضل من المساواة المطلقة.