إذا طفنا بإداركنا حول العالم في هذا العصر و ما قبله و قبل ذلك ؛ و حاولنا أن نحصر تمايز الناس في اللون و اللسان و الشكل و العادات و الأعراف و الطبائع و الأديان و التفكير،
فلن نستطيع البته!
و على هامش ذلك الاختلاف و الخلاف تجد الطائفية مناخاً جيداً للعيش ؛ فتعشش في العقول و القلوب و قد تقل الروابط المجتمعية و تكسر باب العدالة و الإنصاف حتى لا تكاد تترك للواجهة الإنسانية سبيلاً إلا أغلقته!
إن الطائفية هي منتج رديئ لمحاولة بناء كيان مستقل يميز ثلة من الناس. و ما ذاك إلا أنها تعتمد أساليب إقصائية في تقويم الآخر و تتغنى بالأنا في كل تجلياتها.
و لو علم مريدوها أن التمايز و الاختلاف سنة كونية في البشر تجعله أكثر تماسكاً و تعارفاً و توادداً، و ليس محل تنافس و إنما التنافس في البذل و العطاء و فعل الخير و خدمة البشرية و نشر الفضائل و الإصلاح. لو علموا ذلك ؛ لما بنوا عليه تصوراتهم المغلوطة.
يقول الله تعالى : يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ….(صدق الله العظيم)
إن الطائفية هي أصل العنصرية و منبع الفرقة و هي عدو التنمية و الإصلاح و مصدر إزعاج لأي نظام قويم و بناء سوي و هي دعوى جاهلية. و قد و صف رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوى الجاهلية قائلاً “دعوها فإنها منتنة”
إن واجب النخبة أن يحاربوا الطائفية و ينفروا منها الناس و يبينوا خطرها على المجتمع و الدولة و الأمة .
و يرفعوا شعار الإنسانية و العدالة و المساواة الذي هو صمام أمان كل تنمية يراد لها أن تنجح.
وواجب الدول أن تنشر ثقافة الأخوة و المحبة و ترسخ الوطنية و الإنسانية في شعوبها بعيداً عن الطائفية و سوءاتها.