استقبل العالم عام 2020 بإنذارات كوفيد19 لتستمر التداعيات الصحية والاجتماعية والأخلاقية، ومع انتشار الجائحة في دول العالم ظهر على السطح عدد من الآثار السلبية الاجتماعية والأخلاقية، كان أبرزها التنمر ضد مرضى كورونا، والإشارة إليهم باعتبارهم منبوذين من قبل المحيطين بهم من أصدقاء وجيران وحتى على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، يتلقون الإهانات،وتلصق إليهم اتهامات بنشر الوباء، وتلاحقهم وصمة عار الإصابة بالمرض الجديد.
لم يسلم المرضى فقط بل طال أيضا الأطباء والممرضين جنود الصف الأول في المعركة ضد كوفيد19، والذين أصيبوا بالمرض لتعاملهم مع المرضى، فهم يعملون بالساعات المتواصلة دون كلل أو ملل، يسعفون حالات حرجة وينقذون أروحهم من براثن وحش الكورونا القبيح، يطمئنون آخرين بأن الشفاء قريب، ويشاركون آخرين فرحتهم بالانتصار على المرض.
إن التنمر هو أى شكل من أشكال إلحاق الأذى المُتعمد بالآخرين سواء بدنياً أو نفسياً، وبالرغم من أن التنمر ضد المرضى بشكل عام أمر غير المقبول أخلاقيًا واجتماعياً، إلا أن بعضالدراسات وجدت ان أكثر من يتعرضوا للتنمر هم من يعانون من حالات صحية مزمنة، فعلى سبيل المثال نجد أن الأطفال الذين يعانون من مرض السكري أو السمنة أكثر عرضة للتنمر بالإضافة إلى مرضى السرطان، نظراً للتغيرات التي يلحقها المرض بهم على الجانب الجسماني والنفسي.
فالتنمر ليس ظاهرة حديثة العهد،وكم من حملات حول العالم نادت بضرورة التوعية بمخاطر التنمر، وإفهام الأهل والأطفال مظاهره ومخاطره التي تلحق بمن وقع عليه التعنيف والإساءة اللفظية أوالجسدية. فالأبعاد النفسية للتنمر عديدة حيث يؤدي إلى مشكلات عاطفية وسلوكية، قد تقود فيما بعد الشخص الذي وقع عليه التنمر إلى ممارسة سلوك عدواني ضد الآخرين كرد فعل نحو واقعه الاجتماعي، أو أن تستمر معاناته النفسية لتصل لحد مرضي كالإصابةبالاكتئاب، والقلق، واضطرابات الشخصية، وحتى الانتحار.
ومن الغريب والمستهجن أن يلحق التنمر بالمرضى والأطباء في ظل جائحة صحية عالمية، وبالتالي فإن التنمر ضد المرضى ظاهرة متأصلة مع المجتمعات بشكل عام، لكن يجب أن يلتفت إليها الإعلام في تلك الفترة، حيث ضرورة تسليط الضوء على الأضرار النفسية التى تلحق بالمريض وذويه، ورفع شعارات “لا للتنمر ضد مرضى كورونا”، والاعتماد على رجال الدين ورموز المجتمع في حملات التوعية، وتفعيل دور المؤسسات المجتمعية في تقديم الخدمات للمرضى بالحجر المنزلي، وتوعية المواطنين بالأحياء بأهمية الدعم النفسي والاجتماعي للمرضى حتى تمر الأزمة ونخرج منها سالمين معافين.
ربما يكون كوفيد 19 بوصلة جديدة لتحديد أولويات المجتمعات، والتي من وجهة نظري تتمثل في الصحة، والتعليم، والتربية، لكونها حجر الأساس في تنمية الأفراد وازدهار المجتمعات.