التعليم عن بُعد فرض نفسه بقوة في زمن كوفيد19

on 01 September 2021, 11:02 AM
أ. د عبد الملك الدناني
أ. د عبد الملك الدناني

هناك العديد من المفاهيم التي تطلق على التعليم عن بعد، فيُعرف بأنه التعليم بالمراسلة، والتعليم المفتوح، والتعليم الموزع، وهناك تعبيرات أخرى، كالدراسة المنزلية، والدراسة المستقلة، والدراسة من الخارج، وتنوعت المفاهيم ومصطلحات التعليم عن بعد. ومن أهم التعريفات للتعليم بأنه “عملية تربوية يتم فيها التدريس من شخص بعيد في المكان والزمان عن المتعلم، مع التأكيد على أن معظم الاتصالات بين المعلمين والمتعلمين تتم من خلال وسيط محدد لاكتساب المعارف والمهارات من خلال تقنيات التعلم المختلفة للتعلم عن بعد.


ويعّد التعليم الإلكتروني عن بُعد عملية تفاعلية ديناميكية مستمرة هادفة، وأركانها، مقرر دراسي “منهج”، ومعلم “أستاذ”، وطالب “متعلم”، وتطبيقات تقنية إلكترونية باستخدام البرامج الحديثة. وعلى الرغم من انتشار هذا النوع من التعليم بشكل واسع في العديد من دول العالم ومنها بعض الدول العربية، وذلك بسبب المتغيرات التي حصلت في مسار التعليم، وفي حياة الأفراد والمجتمعات منذ بداية انتشار وباء كوفيد19 العالمي، بهدف الحد من بعض ممارسات العادات والتقاليد التي كانت تمارس في ظل الظروف الاعتيادية.


ويحتاج التعليم الإلكتروني الافتراضي عن بُعد إلى متطلبات أساسية يتطلبها ولا بد من توفرها، ومنها ضرورة توفر تقنيات حديثة ومتطورة لكي يتم تهيئة القاعات الافتراضية من خلال شبكة المعلومات الدولية – الإنترنت، فضلاً عن ضرورة تفاعل الطالب أو الدارس الذي يعّد محور العملية التعلمية، لكي يقوم بمتابعة المادة التعليمية التي تصل إليه من خلال الشرخ والمناقشة في التطبيق الإلكتروني للموقع المبرمج المخصص لذلك وفق آليّةٍ مناسبة لشرح المادة بأسلوبٍ يسهل فهمها والاستفادة منها، لأن التعليم الإلكتروني عن بعد يعتمد على المشاركة والتفاعل، يمكن أن تتوفر حلقات للنقاش المباشرة وغير المباشرة بين الطالب والأستاذ، وفي نهاية المطاف لا بد من توفر المعلم المسؤول عن متابعة وتقييم أداء الطالب ومنحه العلامات الّتي يستحقها. فهل هذا الأسلوب يمكن تطبيقه على طلابنا في المدراس والجامعات العربية؟


ولا بد من الإشارة إلى أن التعليم الإلكتروني عن بُعد يواجه في العديد من الدول العربية تحديات وصعوبات متعددة بسبب ضعف البنية التحتية للتقنيات المستخدمة في التعليم، والتي لم تكن في الحسبان لمواكبة المتغيرات الحاصلة في مجال التعليم بالوطن العربي، حيث يوجه التعليم متغيرات ملموسة على صعيد الواقع، وتحديات متعددة، تكمن في مجملها بالتعليم من خلال المنصات الإلكترونية في المجالات النظرية والتطبيقية.
أما بالنسبة للدول العربية التي تمتلك بنية تحتية متطورة في المجال التقني من حيث الإنترنت والمنصات الإلكترونية فقد عملت على تهيئة الظروف التعليمة للتعليم الإلكتروني عن بعد، فيما حُرمت العديد من الدول العربية الأخرى، كما استطاعت المكتبات الوطنية والعربية والعالمية أن تقدم العديد من الكتب الإلكترونية المتاح استخدامها بالمجان للطلاب والدراسين ولكافة أفراد المجتمع، والتي كانت في السابق حكراً على من يشترك فيها بمقابل مادي، ويمكن أن يستفيد منها طلاب التعليم الإلكتروني من المنازل في إنجازات واجباتهم وأوراقهم البحثية المطلوبة، وحسب الاحتياج والتخصص الذي يدرسون فيه.


وبالنسبة لمستقبل التعليم الإلكتروني فمن خلال عملية تقييم للتجربة الشخصية والتعامل المباشر مع هذا النوع من التعليم، كأستاذ جامعي، على الرغم من المدة القصيرة لصعوبة تقييم تجربة التعليم الإلكتروني عن بُعد فقد واجهته في المدة الماضية تحديات ومشكلات متنوعة منها، عدم توفر البنية التحتية من التقنيات الحديثة في العديد من الدول العربية والمؤسسات التعليمية العربية، وزيادة في أعداد الطلاب والدارسين في المدارس والجامعات العربية، والأهم من ذلك عدم حرص المتعلمين من الطلاب والدارسين على التفاعل مع هذا النوع الحديث من التعليم، كما واجه التعليم الإلكتروني ضعف ونقص في عدد المعلمين المؤهلين والإمكانيات المادية، التي يمكن تساهم في تطوير التعلم عن بُعد من خلال المنصات الافتراضية، في المستقبل القريب.