يعيش العالم حالة من البحث عن البدائل الممكنة للتجمعات البشرية ، مهما كانت الضرورة ملحة إلى ذلك ، وكان طوق النجاة فـي التحول إلى الرقمية في جميع المجالات ، لقد سمح الوباء للرقمية أن تعلن عن حضورها الطاغي لتقرب المسافات ، وتفتح مناخات لا محدودة فـي الإبداع والابتكار وتطوير الأدوات ، والتجويد المستمر بما يحاكي الواقع ويفوقه .
ولا يغيب عن الأذهان ما تلعبه الرقمية فـي مجال التعليم عن بعد ، والذي وضع العالم فـي تنافسية كبيرة أمام التحدي المفروض ومتطلبات الوقت الراهن ، حتى اتسع مفهوم البنية التحتية للشعوب ليشمل شبكات الانترنت ، بل ويجعلها على رأس الأولويات ؛ بما ينقلها من متطلبات الرفاهية إلى متطلبات الحاجة والضرورة .
إننا أمام مطلب حقيقي للتحول الرقمي الذي يشهده العالم ، فلم يعد هناك خيار آخر أمام بدائل الواقع الحضوري سوى هذا الواقع الافتراضي بكل متطلباته ودواعيه وأسبابه . و التراجع عن تأمين وسيلة مطلوبة وحتمية للبشر عجز أمام السباق نحو الريادة والتقدم .
وعلى الجانب الآخر أصبح على مصدري المعرفة أن يطوروا أدواتهم ؛ فلا يحق بحال من الأحوال أن تظل أدوات القياس والتقويم للتعلم من الروضة حتى الجامعي كما هي ، دون أن تعيد ترتيب الأوراق والحسابات تجاه أساليب للتقويم التفاعلي ، ذلك التقويم الذي يقدم التغذية الراجعة فـي حينه ، ويضمن التعامل الجيد مع تقويم الذات ، وكذلك مرونة المكتبات الرقمية فـي تأمين المعرفة وفق فهرسة تناسب الوسيلة المتاحة ، وطبيعة الدرس والدارس .
لم يعد هناك مكان للتقليدية أو الاحتماء بالرصيد المعرفـي دون امتلاك الأدوات إلى ترويجه وعرضه والتحقق الذاتي من قياساته ونتائج تلك القياسات . إننا أمام ثورة حقيقية على الثوابت القديمة فـي العرض والتلقي ، وخلخلة الزمانية والمكانية ، إلى الإيقاع السريع فـي طلب المعلومة وتصديرها ، ومدى سرعة الاستجابة فـي الحالين .
لقد أصبح المفهوم الحقيقي للأمية هو عدم مواكبة الرقمية ومتطلبات الوقت الراهن ، وأن الأعلى صوتًا هم من يملكون الطريق الصحيح لرواج الفكر والكلمة ، مهما كان ضعفهم أمام من حالت الظروف دون وصول أصواتهم ، إما لتمسكهم بالقديم وعدم قناعتهم فـي مخاطبة جمهور افتراضي ، أو لاتساع المسافة بينهم وبين من يملكون رواج المعرفة قبل ميلادها ، وهنا نسلم بأن الرقمية مطلب يقف على مصاف مطلب القوت والدواء للشعوب كافة .