أصبح التحول الرقمي من الضروريات بالنسبة لكافة المؤسسات والهيئات التي تسعى إلى التطور وتحسين خدماتها وتسهيل وصولها للمستفيدين ، فالتحول الرقمي لا يعني فقط تطبيق التكنولوجيا داخل المؤسسة بل هو برنامج شامل يمس المؤسسة وطريقة وأسلوب عملها داخلياً وخارجياً وأيضاً تقديم الخدمات للجمهور المستهدف لجعل الخدمات تتم بشكل أسهل وأسرع. كما أن التحول الرقمي يسهم في ربط القطاعات الحكومية أو الخاصة ببعضها، بحيث يمكن إنجاز الأعمال المشتركة بمرونة ودقة عالية، لذلك هناك ضغط واضح من كافة شرائح المجتمع على المؤسسات والهيئات والشركات لتحسين خدماتها وإتاحتها على كافة القنوات الرقمية.
وحيث أن استخدام الأنظمة الإلكترونية في التصويت هو أحد أشكال التحول الرقمي والتي بدأت منذ الستينيات، مع ظهور أنظمة البطاقات المثقوبة، والتي تلته بعد ذلك بكثير أنظمة المسح الضوئي، والأنظمة الإلكترونية للتسجيل المباشر والإنترنت، فتُستخدم آلات التصويت الإلكترونية على نطاق واسع في بلجيكا والبرازيل والهند وفنزويلا والولايات المتحدة وغيرها، على الرغم من أن هناك اتجاهاً لاعتماد هذه التكنولوجيا، و لا تزال هناك العديد من الدول التي تفضل وضع علامات على بطاقات الاقتراع وفرز الأصوات يدوياً.
ورغم أن كفاءة بعض هذه الأنظمة الإلكترونية أمر لا جدال فيه، إلا أنها عانت من درجات مختلفة من المشكلات الأمنية، كما عانت من التصور العام بأنها لا يمكن الاعتماد عليها وأنها قد تتسبب في احتساب أخطاء كبيرة،غير أن من بين المزايا الرئيسة أنها تسهل عملية التصويت بالنسبة للأشخاص ذوي الهمم.
و جاءت التجربة الرائدة لهيئة النيابة الإدارية بعقد أول انتخابات مجلس إدارة لناديها باستخدام برنامج التصويت الإلكتروني للانتخابات، في سابقة هي الأولى من نوعها على الإطلاق، وقد جرى التصويت عن طريق إبداء الناخب رأيه باستخدام شاشات الحاسب الآلي التي تعمل بتقنية اللمس، والموجودة داخل كل لجنة تصويت فرعية، مع مراعاة ضوابط عملية التصويت بطريق الاقتراع السري والمؤمن بالكامل بالإضافة إلى الفرز وإعلان النتيجة بشكل إلكتروني.
تم تنفيذ المرحلة الأولي وهى مرحلة التصويت على شاشات تعمل باللمس وتجميع الأصوات والفرز بشكل تلقائي ولم يتم الاستغناء عن الصندوق، حيث أنه بعد التصويت يتم طباعة ورقة بما تم اختياره من مرشحين ويتم وضعها بالصندوق لحين إصدار تشريعات جديدة تنظم عملية الانتخابات الإلكترونية.
وبالرغم من نص المادة الثالثة من القانون رقم 198 لسنة 2017 بشأن الهيئة الوطنية للإنتخابات، نصت على تطبيق نظام” التصويت الإلكتروني” في الإستحقاقات الدستورية بكافة أنواعها سواء كانت “استفتاءات دستورية أو انتخابات برلمانية أو شيوخ أو محليات، إلا أن هناك تحديات تشريعية كبيرة تواجه الأنظمة الإلكترونية للتصويت من حيث تنظيمها وإحكامها إحكاماً قانونياً في كافة مراحلها وخطواتها .
ومع تزايد التجارب الإلكترونية للعمليات الإنتخابية أصبح من الضروري بمكان، سن وإصدار تشريعات جديدة تنظم وتحكم العمليات الإنتخابية الإلكترونية في كل أشكالها سواء داخل الهيئات الحكومية أو الهيئات الخاصة والنقابات المهنية والعمالية لاكتمال منظومة التحول الرقمي بشكل تشريعي محكم.