هل تعرف عن لغة العالم الجديدة التي لا تحتاج حروفا ولا كلمات، لا قراءة ولا كتابة؟ إنها لغة ناعمة جديدة أطلقتها الثورة في مجال شبكات التواصل الاجتماعي.
هي لغة موحدة بلا حروف ولا قواعد، تسجل حضورها وتثبت وجودها، يفهمها البشر في كل بقاع الأرض وكأنها أصبحت أداة حوار مكتملة بعناصرها، تتجاوز الحواجز الثقافية وتنقل المعاني من دون لغة مشتركة. هي لغة تعيد البشرية إلى لغة الرموز، وهي لغة تحقق تواصلا دوليا بمساحة مليارات الرسائل يوميا برموزها التي تعبّر عن شعور كاتبها وأحيانا بما قد تعجز عنه الكلمات. إن استخدام الرموز والوجوه التعبيرية عبر مواقع التواصل المختلفة، أصبح أمرا معتادا في المجتمع، كما أصبح الكثير من الأفراد يستخدمون تلك الموز للتعبير بدلا من العبارات والكلمات. لقد جاءت طبيعة هذه الرموز التعبيرية لتكميل الصورة البصرية للإنسان، حيث الصورة تدعم الجانب اللفظي، فالرموز التعبيرية مهمة، ولكن لا بد أن تكون مناسبة الملتقي بادراك المفاهيم الصحيحة لتلك الموز. الإيموجي تعبير ياباني تتألف من كلمتين: “إي” وتعني صورة و”موجي” وتعني حرفاً. والمصمم الأساسي للإيموجي هو الياباني شيغيتاكا كوريتا الذي استلهم رسومه الأولى من الرموز التعبيرية للأحوال الجوية وتوقعاتها. والإيموجي هو الفن الذي يتألف من رسوم رمزية مختلفة تعبِر عن المشاعر والأشياء.
وقد انطلق هذا التعبير من اليابان منذ بضع سنوات ليعم استخدامه العالم بأسره، وكأنه لغة كونية جديدة يتخاطب بها الملايين يومياً. إن أولى محاولات الإنسان الكتابية هي أيضاً كانت عن طريق الرموز التصويرية كالأحرف الهيروغليفية المصرية القديمة. في البداية، اللغة الهيروغيلفية كانت تستخدم كتابة رمزية وحروفا تشبه في فكرتها الآن “الإيموجي”، ثم توالت بعد حين، محاولات عديدة من المفكرين والقادة لتشكيل لغة عالمية تكون جسراً للتفاعل بين كافة البشر. أولى هذه المحاولات كانت على يد الكاتب والفيلسوف الألماني “هيلديغارد أوف بينجن” وسميت “لينغيوا إغنوتا” في القرن الثاني عشر. وفي العقد السابق أخذ مشغلو شبكات الهاتف النقال اليابانية هذه الإيموجيات من كوريتا سنة 2010م. ومنذ ذاك التاريخ، بدأت بعض هذه الرموز تدرج في نظام “يونيكود” الأمريكي الموحد لأحرف الفهرسة على الشبكة. ودخلت كلمة إيموجي لأول مرة إلى قاموس أكسفورد سنة 2013م. وتفضل باركينسون أن تكون المفردة المختارة كلمة عادية من أحرف أبجدية. الرموز التعبيرية “الإيموجي”عبر مواقع التواصل في بعض الأحيان يستغلها بعضهم في التعبير عن شعوره للآخر، والجميع يستخدمون تلك الرموز التعبيرية لأسباب عدة، منها قوة تأثيرها في الآخرين وتعزيز الرسالة وأبرازها بصورة خاصة، نظرا لأنه يمكن استخدام هذه الرموز التعبيرية في التعبير عن الواقع بصورة أفضل. كما تعد هذه الرموز التعبيرية أعمق بكثير مما نراه ونتصوره، لأن قدرتها تكمن في التعبير عن أحاسيسنا.
إن تلك الرموز ثقافة خاصة تختلف بين الشعوب، ولها عادات وقيم وثوابت مختلفة، على سبيل المثال في المجتمع الغربي أن استخدام بعض الكلمات وما يعقبها من رموز تعبيرية تبين علامات الحب بين الجنسين مقبولة، ولكن في المجتمعات العربية والإسلامية يختلف الوضع تمامًا، ولا يحب الناس هذه الإشارات والرموز، وأحيانا قد يكون الرمز التعبير مدخلا للتحرش والإيحاءات الجنسية، فلا بد أن تقابل الرمز مغزاها واضح، والذين يستخدمون هذه الرموز التعبيرية يجب عليهم أن يعبروا مشاعرهم في كلمات بدلا من الرموز، ويدركون خطورتها على الجيل الجديد في فقدان الكتابة باللغة العربية، واللغة هي أداة للتعبير وعماد الثقافة.