ركز العالم في بداية الألفية الثالثة كثيراً على التحول الرقمي أي تجسيد التكنولوجيا المتعلقة بالجانب الرقمي على كل مجريات المجتمع خدمة له ودعماً لسوق العمل ونفعاً لصنّاع القرار، ومن ذلك موضوعنا الذي يتعلق بالإعلام الرقمي : ويقصد به استخدام الإعلام لأحدث وسائل الاتصال وأكثرها تطوراً من قِبل القائم بالاتصال، بغية تحقيق أهداف المضامين الاتصالية وفق خطاب إعلامي معد مسبقاً للحصول على رجع صدى تفاعلي إيجابي سريع .
وهناك الإعلام الرقمي ( الالكتروني ) و يعدُّ هذا التخصص من التخصصات الجديدة، وقد طُرح في عدد من الجامعات العالمية في أوروبا وأمريكا وفي عدد من الدول العربية، وجاء طرح هذا التخصص لحاجة السوق العالمية والعربية والأردنية لخريجين متخصصين في مجال الإعلام الالكتروني بعد أن أصبح الإعلام الالكتروني هو المسيطر على السوق الإعلامية، وبعد تحول العديد من الصحف العالمية من صحف ورقية إلى صحف الكترونية، وازدياد الإعتماد على الإعلام الألكتروني من قِبل محطات التلفزة و المحطات الإذاعية في مختلف دول العالم وانتشار مواقع التواصل الاجتماعي بصورة غير مسبوقة (1).
أما الإعلام الجديد” فهو مصطلح حديث يتضاد مع الإعلام التقليدي، كون الإعلام الجديد لم يعد فيه نخبة متحكمة وقادة إعلاميين ، بل أصبح متاحاً لجميع شرائح المجتمع وأفراده الدخول فيه واستخدامه والاستفادة منه طالما تمكنوا وأجادوا أدواته(2).
ومن وسائل الإعلام الجديد الذي يمتاز بوسائل عالية التقنية “المحطات التلفزيونية التفاعلية، والتلفزيون الأرضي الرقمي وتلفزيون (الآي بي) وتلفزيون الإنترنت والفيديو عند الطلب، والصحافة الالكترونية، ومنتديات الحوار، المدونات، المواقع الشخصية والمؤسساتية والتجارية، ومواقع الشبكات الاجتماعية، الإذاعات الرقمية، وشبكات المجتمع الإفتراضية، والمجموعات البريدية، الهواتف الجوالة التي تنقل الإذاعات الرقمية، البث التلفزيون التفاعلي، مواقع الإنترنت، الموسيقى، المتاجرة بالأسهم ، الخرائط الرقمية، مجموعات الرسائل النصية والوسائط المتعددة “.
لقد باتت مجالات الحياة تحمل الطابع الالكتروني برمتها فهناك صحف الكترونية ومواقع الكترونية وحتى محطات الإذاعة والتلفزيون أصبحت تعمل وفق نظام الكتروني ، بل إن جميع المؤسسات الحكومية والخاصة تعول بشكل كبير على العمل وفق ذلك.
وبلا شك فإن هذا التطور على الرغم من إيجابياته الكبيرة المعروفة لكنه لا يخلو من سلبيات بسبب الاستخدام السيء من قِبل القائمين بالاتصال وخاصة في وسائل التواصل الاجتماعي واسعة الانتشار مثل ( الفيسبوك ) كالاستغلال والابتزاز والمساومات وتهديد الأمن القومي والطائفية والعنف والكراهية وإثارة النعرات المذهبية وتأجيج الخلافات والعزلة الاجتماعية داخل الأسرة الواحدة والبطالة والتخلي عن وسائل الإعلام التقليدية والتضليل والفبركة الرقمية.
وعلى الرغم من سن قوانين وضعية خاصة بالمطبوعات والنشر والجرائم الالكترونية إلا آنه ينبغي أن تكون هناك مراقبة أسرية ومدرسية وحكومية، وتوعية مستمرة بشكل ودي واجتماعي بعيداً عن تضييق الحريات أو الملاحقات البوليسية المبالغ فيها التي قد تدفع الأفراد إلى الإساءة أكثر مع الجمهور المستهدف ، وضرورة تحسين الأوضاع الاقتصادية ومحاربة البطالة، كما أرى أن من المفيد جداً تدريس الإعلام في المدارس الثانوية وجعله من المقررات الأساسية من أجل خلق حصانة فكرية وتفاعل إيجابي مع وسائل الإعلام وتدفق العولمة وخاصة للشباب باعتبارهم فئة مستهدفة وطليعة للبلاد في قادم الأيام .
1- الإعلام الرقمي ( الإلكتروني ) ، https://www.asu.edu.jo/ar/Literature/Digital-Media/Pages/Overview.aspx ، 2020
2- اعلام جديد ، ويكيبيديا، 31 أغسطس 2021