يقول تعالي:﴿إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ﴾. الحجر: (٩٥).
من دلائل النبوَّة أنه ما تظاهر أحدٌ بالاستهزاء برسول الله ﷺ وبما جاء به إلا أهلكَه الله تعالى. يقول تعالى: (قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ). آل عمران : (١١٨).
حملات الإساءة والعداوة إلى النبي الكريم ﷺ من قِبل أعداء الإسلام ليست بالأمر الجديد ، وليست وليدة هذه الأيام ، فقد بدأت مع ظهور الإسلام واستمرت معه وإلى اليوم، وإلي ما بعد اليوم ، قال تعالي: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا (31) [الاسراء:31]، وقال أيضا عن استمرار هذه العداوة، (وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا) [ البقرة: 219]، وقال أيضاً: (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (120) [ البقرة: 120].
والهدف من هذه الحملات المسعورة واضح وضوح الشمس في رابعة النهار؛ وهو الوقوف في وجه انتشار الإسلام وتشويه صورته وتقزيمه.
ويعود تاريخ أول كتاب خُصص للإساءة إلى الإسلام ورسوله ﷺ ورسالته الخالدة، إلى القرن الثامن الميلادي، وهو كتاب يوحنا الدمشقي (676-749) المعنون بـ: (الهرطقة) . وفي العصر الحديث ظهرت صور للرسول الكريم في عدة كتب في الغرب نذكر منها كتاب حياة:(محمد) لمؤلفه الفرنسي(سيوردي ريار) والذي طُبع في لندن سنة 1719 ، وبعد أحداث 11 سبتمبر شهد العالم تصاعد الكتابات التي تطعن في النبي محمد ﷺ وتصفه بأبشع النعوت، فقد قامت دار نشر أمريكية مثلا بإصدار كتيب كاريكاتوري مليء بالإهانات والشتائم للإسلام وللنبي الكريم ﷺ؛ وذلك بهدف الحد من انتشار الإسلام في المجتمع الأمريكي، وفي سنة 1997 قامت الإسرائيلية (تاتينا سوسكن) برسم صور مهينة للرسول ﷺ ورغم أن الصحف لم تقبل نشرها إلا أنها قامت هي بتوزيعها.
كما بدأت حركات في أوربا تطالب بتعديل القوانين القديمة التي تُجرم الإساءة للرموز الدينية في القوانين الأوربية وبخاصة بعد موجات الهجرات التي استقطبتها أوربا من بلدان مختلفة لها معتقداتها ورموزها الدينية الخاصة وذلك بحجة ضمان حرية الرأي والتعبير· ونتيجة لحدة الانتقادات والإساءات الموجهة للمسلمين
ورموزهم الدينية بعد أحداث 11 سبتمبر طالب الأمين العام للأمم المتحدة في ديسمبر 2004 بضرورة وضع حد لهذه الظاهرة التي ذكر أنها أخذت في الانتشار بحدة.
ولعل ما يثير سخط المسلمين في جميع أنحاء العالم هو أن حرية التعبير التي يتحدثون عنها في الغرب تخضع لاعتبارات ومعايير خاصة لا تنطبق على الجميع، ففي الوقت الذي تتجرأ فيه وسائل الإعلام في الغرب على الإساءة إلى رموز المسلمين ومعتقداتهم وتتشبث بحقها في ذلك لا يمكن لها أن تتجرأ على ممارسة ذلك الحق مع رموز ومعتقدات ديانات أخرى·
ولعل قضية المحرر الثقافي في قناة (سي .إن .إن ) فليمنج روز خير مثال على ذلك، فقد أعلن هذا المحرر في خضم الضجة الإعلامية التي صحبت نشر الرسوم أنه ينوي نشر صور تسخر من اليهودية والمسيحية، فقرر رئيس تحرير هذه القناة إعطاءه إجازة مفتوحة على إثر ذلك ، ومُورست ضغوط كثيرة على هذا المحرر جعلته يضطر إلى تقديم الاعتذار عن نيته السابقة· واعتبر رئيس تحرير القناة أن تصريحات (روز) كانت خطأ وسوء تقدير· [حملة الإساءة إلى النبي ﷺ في الصحف الأوربية : الدلالات والأبعاد- مجلة الوعى الإسلامي، العدد د• محمد الأمين ولد سيد المختار 532].
الإسلام يكتسحُ العالم!!.
من نبوءات النبي ﷺ، والتي أخبر عنها : دخول كلمة الإسلام كل بيت . وهذا واقع مشاهد وملموس الآن . . فإنك تري – رغم استهزاءات الغرب بالإسلام ورسوله ﷺ – كل يوم أناس كثيرون يدخلون في الإسلام، وينضون تحت لوائه.
فعن المقداد بن الأسود رضي الله عنه قال سمعت رسول الله ﷺ يقول : «لا يَبْقَى عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ بَيْتُ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلا أَدْخَلَهُ اللَّهُ كَلِمَةَ الْإِسْلَامِ بِعِزِّ عَزِيزٍ ، أَوْ ذُلِّ ذَلِيلٍ إِمَّا يُعِزُّهُمْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَيَجْعَلُهُمْ مِنْ أَهْلِهَا أَوْ يُذِلُّهُمْ فَيَدِينُونَ لَهَا» رواه أحمد: (23865) ،و ابن حبان: (6699).
وبيت مدر : هي البيوت التي من حجر وهي بيوت الحواضر ، وبيت وبر : بيوت البوادي.
وعن تميم بن أوس الداري رضي الله عنه قال : سمعت رسـول الله ﷺ يقول : «لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَلَا يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ عِزًّا يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الْإِسْلَامَ وَذُلًّا يُذِلُّ اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ » . رواه أحمد (16998)، السلسلة الصحيحة: (1/132) برقم: (3) .
وَكَانَ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ يَقُولُ : قَدْ عَرَفْتُ ذَلِكَ فِي أَهْلِ بَيْتِي لَقَدْ أَصَابَ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ الْخَيْرُ وَالشَّرَفُ وَالْعِزُّ، وَلَقَدْ أَصَابَ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ كَافِرًا الذُّلُّ وَالصَّغَارُ وَالْجِزْيَةُ .
إذا كنت في المقدمة: فعليك أن تتلقي طعنات الأغبياء!
هذا: وقد بدأت بشائر هذا الوعد النبوي الكريم تتحقق بصورة تُخيف الغرب وتجعله يُهزي كالمحموم، ويُظهر حسده وحقده الدفين علي الإسلام ورسوله الأمين ، ويطلق الطعنات تلو الطعنات، كالحية الرقطاء التي تنفث سمومها يميناً ويساراً دون تمييز، ولما لا؟ فالإسلام دين الفطرة ، فما يضره أن يتلقى طعنات الأغبياء!
يأيُها العَائب بي وما بيَ من … عَيْبِ ألا تَرْعَوِى وتَزْدَجِرُ
هـلْ لك عِندي وِتْرٌ فتَطْلُبَه … أم أنتَ مما أتيتَ مُعتَذِرُ
إِنْ يَكُ قَسْمُ الإله فَضّلني … وأنت صَلْدٌ ما فيك معْتَصر
فالحمدُ والشُّكر والثَناء له … وَللْحَسود الترَابُ والْحَجَرُ.