الأمل والخوف

on 07 January 2023, 08:00 AM
د . وحيد عبد المجيد
د . وحيد عبد المجيد

استهل الرئيسُ البرازيلى لولا داسيلفا عهده الجديد رافعًا الشعار الذى يحمله منذ عقدين: (الأملُ أقوى من الخوف، والحبُ أقوى من الحقد). حدثُ غير عادى يصعب أن يتكرر. إنها «قيامة سياسية»، هكذا يصف داسيلفا حدوث ما لم يكن ممكنًا أن يحلم به حين اتُهم فى قضية رشوة وأُدخل السجن، بل لعله لم يتوقع أن يُيرأ ويغادر محبسه بعد 579 يومًا أمضاها فيه، وهو الذى كان محكومًا عليه بثمانى سنوات وعشرة أشهر.

 

لكن ما ينتظرُه فى قادم الأيام أكثر صعوبة من فترتيه الرئاسيتين السابقتين بين 2003 و2010. مجتمعٌ منقسم، واقتصادُ منهك، و نحو30 مليونًا يعيشون تحت مستوى خط الفقر، وهذا رقمُ يعادلُ تقريبًا من نجحت سياساتُه فى انتشالهم من الفقر فى ولايتيه السابقتين.

 

وهو يعتمدُ فى مواجهة هذا الوضع الصعب على أقرب مساعديه اللبنانى الأصل فرناندو حداد فى وزارة الاقتصاد، لأنه أسهم فى نجاح سياساته الاجتماعية فى الولايتين السابقتين رغم أنه كان وزيرًا للتعليم. وفى حكومته الجديدة وزيرةُ ثانية من أصٍل لبنانى هى سيمون ثابت، التى جاءت فى المركز الثالث فى الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الأخيرة، ثم وقفت بقوةٍ وراءه فى الجولة الحاسمة.

 

وهو، فى هذا كله، يدركُ أن تحقيق الأمل الذى يتمسكُ به شرطُ لاستمرار النظام الديمقراطى المُهدَّد بفعل الانقسام المجتمعى الحاد. صحيحُ أن هذا النظام أثبت قدرةً على الصمود فاقت التوقعات عندما امتنع الرئيس السابق جايير بولسونارو عن الاعتراف بخسارته, ثم غادر دون أن يحضر الاحتفال الرسمى الذى يسلم خلاله الوشاح الرئاسى إلى خلفه، وشجع أنصاره على مواصلة الاحتجاجات.

 

ولهذا يتطلب إنقاذ رابع أكبر ديمقراطية فى العالم (211 مليون نسمة) وضع حدٍ للانقسام الأفقى الذى يُهددها، دون المخاطرة بانقسامٍ رأسى قد يترتبُ على سياساتٍ اقتصادية واجتماعية متعجلة.

 

يحتاج داسيلفا إلى سياساتٍ متوازنة تقللُ أعداد الفقراء، دون أن تؤثر على فرص الاستثمار، وتُقنع أنصار بولسونارو الذى حصل على أصوات 58 مليونًا بأن مستقبل البرازيل أهم من الأشخاص. وهذا هو نوعُ السياسات التى يمكنُ أن تُقرّب الأمل وتبعد الخوف.

 

جريدة الأهرام