كتب أحد الأصدقاء الأفاضل متسائلًا مستغربًا ومندهشًا في ذلك الأمل الذي تعلق به النبي ﷺ في الهجرة..
وكان هذا ردي الذي فتح الله به عليَّ
كيف لا يكون الأمل مُشْرَعًا بطول السماء وعرض الأرض أمام النبي ﷺ ، وقد عاين ماعاين في السموات العلا، في رحلة المعراج، وقبلها في الإسراء طويت له الأرض طيًا؟
كيف لا يحدوه الأمل وهو يخرج من أمام ناظري صناديد قريش، بعد أن تجمعوا بقضهم وقديدهم لقتله، وإنهاء أمر دعوته؛فيمر أمامهم، وقد سلب الله عيونهم الرؤية (فأغشيناهم فهم لا يبصرون)؟
كيف لا يحدوه الأمل وقد وصل إلى مكان سمع فيه صريف الأقلام؟
كيف لايحدوه الأمل و(لقد رأي من آيات ربه الكبرى)؟
كيف لايحدوه الأمل وقد وصل إلى سدرة المنتهى، حيث لا ملكًا مقربًا، ولا نبيًا مرسلًا وصل هذا المكان قبله؟!
كيف لا يحدوه الأمل، وهذا جبريل أمين وحي السماء يردفه خلفه في رحلة لم ولن تتح لأحد قبله، ولامن بعده؟
كيف لا يحدوه الأمل وصفوة الخلق من خيرة الخلق أنبياء ورسله في شرف استقباله؟
كيف لا يحدوه الأمل وقد أمَّ أنبياء الله ورسله قاطبة في موكب مهيب، ومشهد من عالم الغيب عجيب؟
كيف لا يحدوه الأمل وقد رحَّب ملائكة السموات العلا، منتظرين عروجه وصعوده ومروره وعبوره أمامهم؟
كيف لا يحدوه الأمل وقد افتر ثغر أبينا آدم حين رآه مرحبًا : أهلًا بالإبن الصالح، والنبي الصالح؟
كيف لا يحدوه الأمل وقد وصاه الخليل إبراهيم عليه السلام: أقرأ أمتك مني السلام… إلخ.
كيف لا يحدوه الأمل وقد رأي واحدًا من صحابته يقتفي أثره في الجنة(بلال بن رباح رضي الله عنه).
كيف لا يحدوه الأمل وقد فرض عليه الصلاة، هدية السماء ليلة المعراج؟
كيف لا يحدوه الأمل وقد قال الله له: (ورفعنا لك ذكرك).. يعقبها ويتلوها مباشرة دون إبطاء أو إمهال: (فإن مع العسر يسرا، إن مع العسر يسراً) بالتأكيد والتكرار؛ فهما اشتد ظلام الليل لابد من طلوع النهار.
كيف لايحدوه الأمل وقد رأى الجنة، وأهلها رأي عين، ورأى النار وأهلها رأي عين؟
كيف لا يحدوه الأمل وقد قال الله له: سنرضيك في أمتك ولا نسؤك؟
كيف لا يحدوه الأمل وهو يقول: (وَاللَّهِ لَيُتِمَّنَّ هَذَا الْأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ لَا يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ أَوِ الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ “؟
كيف لا يحدوه الأمل وقد قال: (إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِي الْأَرْضَ، فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا، وَأُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ ؛ الْأَحْمَرَ وَالْأَبْيَضَ)؟
كيف لا يحدوه الأمل والمآذن في كل آن وزمان، وعلى مر الأيام تصدح بالشهادة له بالرسالة والنبوة، مقرونة بذكر الله؟
كيف لا يحدوه الأمل وأمته أكثر أهل الجنة؟
كيف لايحدوه الأمل وقد أطلعه ربه ومولاه على ما هو كائن في خلق الله، ودنيا الناس إلى يوم القيامة؟
كيف لايحدوه الأمل وهو يبشر أمته برؤية الله تعالى؛ حيث يقول: (” إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْقَمَرَ، لَا تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ..)؟
كيف لا يحدوه الأمل وقد سلَّم الله عليه في عليائه، وردّ على ربه الكريم السلام، ودار حوار بين الخالق والمخلوق في بادرة لم تتح إلا لكليم الله موسى عليه السلام، وماالفرق بينهما إلا أن هذه في السموات العلا، وتلك في الوادى المقدس طوى!