استراتيجية لإعادة المنظومة القيمية

on 08 February 2023, 08:00 AM
بقلم :د. هبه أبو عيادة
بقلم :د. هبه أبو عيادة

في ظل تحديات العولمة في العصر الرقمي والانفتاح الكبير على الثقافات والديانات والعادات العالمية، تعرضت قيمنا ومبادئنا والمنظومة القيمية ككل لهجمة شرسة لزعزعة أمن الأسر واستقرارها وتلويث عاداتنا وتقاليدنا ونعتها بالبدائية وتشويه قيمنا بدعوى الانفتاح والتحضر والتقدم والسعي المستمر لهدم لنشر الكراهية والنزعات القومية، ومن دورنا العظيم الذي خلقنا لأجله لخلافة الأرض بما يحب الله ويرضاه وما أكده القائد القدوة -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّما بُعثتُ لأتمِّمَ مكارمَ الأخلاقِ) ونشر السلام والمحبة وترسيخ المنظومة الأخلاقية وتعزيز القيم المجتمعية وحماية أبنائنا وتربيتهم تربية صالحة وتحصينهم من الأفكار المستحدثة وصقل الهوية الثقافية القيمية الأخلاقية الوطنية وحمايتها من الذبان أو التشويه، وذلك بغية تحقيق أمن مجتمعي وإعداد مواطن صالح منتمن لوطنه ومعتز بهويته ومفتخر بدينه، فلا بد من إعادة هيكل القيم وبناء استراتيجية لإعادة المنظومة القيمية بتكاتف جميع الجهود والمؤسسات انطلاقا من قول خير البشرية كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته. تكمن أهمية القيم بأنها اعتقادات ومفاهيم ثابتة، وتصف الشيء إما جيد أو غير جيد، وهذا يساعد في القدرة على تحديد أن أمرًا ما أفضل من نقيضه، كما تساعد الفرد على اتخاذ القرارات الصائبة، بما لا يتعارض مع عقيدته، ومن أهم خصائص القيم التي تمتاز بها وترتبط بها بطريقة مباشرة مقترنة بمشاعر الفرد المختلفة وتعبر عن طموحات وميول ورغبات الفرد وترتبط بتعبير الفرد عن عواطفه وتعد أمرًا مكتسبًا متعلمًا وتنتج عن تفاعل الفرد مع بيئته. وانطلاقًا من هذه الخصائص وبشراكة حقيقية واستفادة من الخبراء والمختصين علينا بناء خطة استراتيجية علاجية متكاملة وشاملة وواضحة لإعادة هيكلة القيم من خلال بناء رؤية استراتيجية: مجتمع قيمي، محب لمجتمعه، منتم إليه. وصياغة رسالة استراتيجية: إعادة هيكلة المنظومة الأخلاقية وبلورة القيم والتأكيد على قيم استراتيجية قيم وأخلاق حميدة وسلوكيات سليمة واتجاهات إيجابية، واحترام الرأي الآخر والانتماء والولاء للوطن والصدق والمحبة والأمانة ونبذ التطرف والعصبية والفساد وأهداف استراتيجية وتحقيق أمن مجتمعي وترسيخ القيم الأخلاقية البناءة في مناخ إيجابي يسوده الحب والسلام والطمأنينة والاستقرار ضرورة التأكيد على شراكة مجتمعية بين المؤسسات التربوية مع المجتمع المحلي كشركاء أساسيين في العملية التربوية بتشكيل فريق لإعداد الخطة الاستراتيجية لتعزيز المنظومة القيمية والتعاون في إنجاحها مع توضيح دليل إرشادي لتنفيذ الخطة وفق برامج يومية وشهرية وسنوية بخطوات عملية محددة وواضحة وسلسة ومرنة وهذه الخطة الجميع فيها شركاء:

1. المعلمين : رفع مكانة المعلم وإعداده وتدريبه وتأهيله وتعزيزه وتحفيزه ماديًا ومعنويًا للتأثير على الطلبة بأن يكون نموذجًا يحتذى به في القيم التأكيد على دور المعلم القدوة والمؤثر والأنموذج لطلبته بامتثاله بالأخلاق والقيم وحث الطلبة عليها واستنكار أي سلوك لا أخلاقي وتعديله والتوسع في الأنشطة اللاصفية والتطوعية لتعزيز الهوية الثقافية والقيم وإعادة هيكلة القيم

2. المناهج: منهاج قيمي أخلاقي في المناهج يتم إعداده من قبل مختصين وخبراء ويكون منهج معتمد منذ الصفوف الأولى في المدارس ومساق إجباري في الجامعات للحث على الالتزام الاخلاقي. وإنشاء مراكز لتطوير المناهج وإعدادها لتركز على استراتيجيات التعليم الحديثة ومهارات التفكير العليا.

3. الطلبة من خلال تنمية القيم والاتجاهات الإيجابية المعاصرة والتوسع في الأنشطة التربوية والدورات والورش التدريبية والمسابقات والمؤتمرات القيمية لتعزيز المنظومة القيمية.

4. أولياء الأمور: ضرورة تفعيل برامج شراكة مجتمعية والـتأكيد على احترام المعلم وعلى حب المدرسة والتواصل الفعال المستمر لتعديل سلوكيات الطلبة مساعدة أبناء الأمة لتحقيق ذاتهم وترسيخ العدل والسلام في عقول الأفراد. والتأكيد على الحرية وأنها حق من حقوق الإنسان وإعداد وجداني وعقلي وجسمي لتكوين شخصية متوازنة.

وإعداد الأفراد لتقبل التغير وسرعة الاستجابة في مواجهته وفق تفكير منهجي. غرس الإبداع والابتكار واستشراف المستقبل برؤية استراتيجية سليمة وترسيخ الثقة بالنفس وتوظيف إنتاج المبدعين بشكل متواصل للوصول للريادة وتحقيق ميزة تنافسية

5. الإعلام التربوي: استثمار وسائل التواصل الاجتماعي للافتخار والاعتزاز بالقيم الأخلاقية السليمة ونبذ أس سلوك لا أخلاقي وتجريمه والتأكيد على دور مشاهير السوشيل ميديا بامتثال الأخلاق الحسنة ونبذ العنصرية والتطرف والتنمر تعميق الاحترام والحوار والنقاش واحترام الرأي الآخر والتشجيع عليه والتأكيد على تربية مهارات إبداعية وتعزيز الموهوبين والمبدعين وتوفير بيئة ملائمة من أجل امتلاك المعرفة المتقدمة وإعدادهم واستضافتهم في برامج إعلامية وعبر شبكات التواصل الاجتماعي للتأثير في الناشئة والشباب. مع تقييم مستمر للخطة الاستراتيجية من خلال تحليل استراتيجي رباعي سوات نقاط القوة: تعزيز السلوكيات الايجابية والاتجاهات السليمة وتسليط الضوء على النماذج الأخلاقية المتميزة ودورها في التأثير والتغيير وإعادة هيكلة القيم. نقاط الضعف: إعادة تعديل أي سلوك لا أخلاقي ووجيه الاهتمام لتصويبه الفرص: استثمار الانترنت وبرمجياته ومواقع التواصل الاجتماعي بدلا من ان تكون مواقع طمس القيم تكون منبرا للتغيير وبث رسائل ايجابية قيمية التحديات: محاولة إدارة الأزمات ومواجهة التحديات وحل المشكلات بأقل الخسائر الممكنة. أختم مقالي بأبيات للشافعي:

وكن رجلاً على الأهوال جلداً    وشيمتُك السماحةُ والوفـاءُ
وإن كثرت عيوبُك في البرايـا    وسَرَّك أن يكون لها غطـاءُ
تستَّر بالسخــاء فكلُّ عيـبٍ            يغطيه كما قيل السخـاءُ