جعل الله الرحمة من صفاته وأسمائه الحسنى فهو الرحمن الرحيم ،وقد خلق الله تبارك وتعالى مئة رحمة يوم خلق السماوات والأراضين أنزل منها رحمة واحدة يتراحم بها الخلق بينهم ويتعاطفون،ففي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم- قال:إن لله مئة رحمة أنزل منها رحمة واحدة بين الجن والإنس والبهائم والهوام فبها يتعاطفون وبها يتراحمون وبها تعطف الوحش علي ولدها ،وأخر الله تسعاً وتسعين رحمة يرحم بها عباده يوم القيامه”
و من أخص ما دعانا إليه شرعنا الحنيف وأمر به كتابنا الكريم، التآلف والتلاحم والتآخي والتعاطف.قال الله تبارك وتعالى”إنما المؤمنون إخوة” وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم-قال: المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يُسلمه “يعني لا يتركه مع من يؤذيه ولا فيما يؤذيه بل ينصره ويدافع عنه” ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة ، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة .بل أرسل الله تعالى نبيه رحمة للعالمين فقال تبارك وتعالى:” وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين”فهو الرحمة المهداة والنعمة المسداة ، بل لقد أوجب الله تبارك وتعالى علي المسلمين أن يرحم بعضهم بعضاً ،وأن يرأف بعضهم ببعض، وأمرهم بالتعاون علي البر والتقوى والتناهي عن الإثم والعدوان وربط بينهم برباط من الأخوة متين قائم على التآلف والتآخي والمحبة في الدين،ففي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”
ولا شك أن الصحابة والسلف الصالح رضوان الله عليهم ضربوا أروع الأمثلة في التلاحم والتكاتف والتراحم والتعاطف، أيام الهجرة وقبلها وبعدها ،حيث التفوا حول النبي صلي الله عليه وسلم- وأعان بعضهم بعضاً وتراحموا بينهم،فكانوا أذلة علي المؤمنين أعزة علي الكافرين ،متعاونين علي البر والتقوى متقاسمين آلامهم وآمالهم متناصحين بالصبر والمرحمة مؤثرين علي أنفسهم في أملاكهم وأموالهم .
قال أنس رضي الله عنه:قدم عبد الرحمن بن عوف فآخى النبي صلي الله عليه وسلم- بينه وبين سعد بن ربيعة الأنصاري وكان عند الأنصاري زوجتان، فعرض عليه المناصفة في أهله وماله، فكان الرد من عبد الرحمن بن عوف، بارك الله لك في أهلك ومالك، دلوني علي السوق، هؤلاء هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم- وكيف لا يكون حالهم كذلك والله تبارك وتعالى قد وصفهم في القرآن” محمد رسول الله والذين ءامنوا معه أشداء علي الكفار رحماء بينهم “وقد أثنى الله تبارك وتعالى علي صدق إيمانهم فقال تبارك وتعالى”والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون علي أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون”
فحري بنا أن نكون كما أمرنا ربنا وحثنا نبينا صلى الله عليه وسلم-إخوة متحابين متراحمين متناصحين بلا تعسير ولا تنفير، يرفق بعضنا ببعضاً، ويعذر بعضنا بعضاً فيما تجوز فيه المعاذير.قال النبي صلى الله عليه وسلم:”الراحمون يرحمهم الرحمن ،ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء”