مع صوت أذن الفجر قمت أتوضأ للصلاة وفتحت النافذة لأشاهد البحر، مازال الظلام قابعاً، قمت لعمل قهوتي وخرجت جالسة أمام البحر كعادتي أنتظر بزوغ الشمس وإذا بصوت فيروز الشجي تغني:
أعطنى النايَ وغنّ فالغناء سر الخلود
و أنين الناي يبقى بعد أن يفنى الوجود
هل اتخذتَ الغابَ مثلي منزلاً دونَ القصور
فتتبّعتَ السواقي و تسلّقتَ الصخور؟
هل جلست العصر مثلي بين جفنات العنب
و العناقيد تدلّت كثريّات الذهب
هل فرشت العُشبَ ليلاً و تلحّفتَ الفضا
زاهداً في ما سيأتي ناسياً ما قد مضى؟
في البداية لنتفق على معنى التفكير بصوت مرتفع (محاكاة العقل الباطن):
وهو عبارة عن مجموعة من الأفكار المتراكمة وسلسلة من النشاطات العقلية التي يقوم بها الدماغ عندما يتعرض لمثير معين، حيث يحتار الفرد ماذا سيفعل وما الذي يجب فعله بالتحديد ؟؟
هنا بدأت بالحديث إلى نفسي لما يدور في عقلي الباطني ، فتتحرك العواطف والمشاعر وتنتظم معظم الذكريات المخزنة. فالعقل الباطن هو المحرك الأساسي للعواطف والانفعالات والأفكار وهو المخزن لكل المعلومات القديمة والخبرات السابقة .
هي بداية تحديد السلوك والهدف في الحياة … وهناك ثلاثة مستويات للتحدث للذات:
1- قتل الذات ويسمى أيضاً الإرهاب الداخلي للنفس وهو من أخطر مستويات التحدث مع الذات، فقد يجعلك تفقد الأمل ويشعرك بعدم الكفاءة وتقدير منخفض للذات، لأنه يقوم بإرسال إشارات سلبية مثل: أنا لا شيء، أنا حزين، أنا ضعيف، خجول، مقرف، لا أستطيع، فاشل، لست جميلاً ….
هنا تذكرت المرأة وطفلها حيث قتلت ذاتها دون أن تعلم وفقدت الأمل وتناست إيمانها بالخالق عز وجل .
2-إحباط الذات ويحتوي على الكلمات السلبية التي تلغي الأفكار الإيجابية المسبقة للتغيير مثل (لكن، لو …) …. فمثلاً تقول: أريد التوقف عن التدخين لكن لا أستطيع … أريد تغيير شكل ملابسي لكن أخشى ألا أعجبَ أحداً….
فهذه الكلمات السلبية تشكل تهديداً وعائقاً وخوفاً يمنع الفرد من تحقيق الهدف ..
هنا سرحت بمديرة مدرسة كانت دائماً تحاول تقليد مدرسة اخري متميزة في حين أنها تمتلك كل مميزات التميز من معلمات مبدعات ورئيسات أقسام يعملن بنشاط وهمه فضاع الأمل بالإحباط وتلاشت آمال العاملات بالمدرسة من كثرة اللوم وعدم الرضى.
3-تشجيع الذات والتقبل الإيجابي وهو أقوى المستويات لأنه مصدر للثقة بالنفس والتقدير الذاتي المرتفع، لأنه يبعث إشارات إيجابية محفزة ومعدلة للسلوك (أنا جيد … أنا سأتغير للأحسن ….)
هنا تذكرت طالبتي وأنا مع الوالدة بالمستشفى حيث رأيتها مرتدية اللباس الأبيض فقالت لي تذكرين عندما قلتي لي قفي أمام المرآة وتحدي ذاتك وكرري أنا طبيبة أنا الطبيبة سعاد .
الموازنة بين العقل الواعي والعقل الباطن، والعمل بالمستوى الثالث وطرد الأفكار السلبية وعدم توقع السوء وعدم العيش في الماضي …والاستغناء عن الذكريات الحزينة المؤلمة والمذكرات والصور التي تجعلك سجين الماضي …
هل اتخذتَ الغابَ مثلي منزلاً دونَ القصور
فتتبّعتَ السواقي و تسلّقتَ الصخور؟
نعم….
معظم الناس يتحدثون إلى أنفسهم في عقولهم فقط، وهي ظاهرة يسميها علماء النفس “الحديث الداخلي”.
التحدث إلى النفس يساعدنا على التخطيط، وتنظيم المشاعر، والإبداع، وغيرها من الوظائف الأخرى المهمة، بيد أنه محيِّر في دراسته. لا تهاب الظلام تسلق السواقي والجبال بالكلام أبحر إلى ما تشاء فأنت عملاق في ذاتك.
هذا هو حال حياتنا اليومية؛ فالحياة ليست سوى أفكار، وصور، ومشاعر تجول بخاطرك، في أثناء الاسترخاء في حوض الاستحمام، أو تقطيع البصل في المطبخ، أو انتظار بدء مقابلة مهمة.
التفكير هو بمنزلة حوار عقلي إذ تعود جذوره على أقل تقدير إلى الفيلسوف أفلاطون، ما يذهلني في الحوار العقلي هو أنه -بطبيعة الحال- ذاتي التنظيم. فعندما تُجري محادثة مع شخص آخر، لا يوجد طرف ثالث يلوِّح بعصا مايسترو ليريك في أي اتجاه يُفترض أن يسير الحوار في المرحلة التالية. إنما تدير أنت وشريكك في المحادثة حواركما عبر العمليات الطبيعية من طرح أسئلة، واعتراض، وتجاوُب، واتفاق… إلى آخره. وعلى هذا الأساس، فإن فهم التحدث إلى النفس بدا أنه يحمل في طياته تفسير كيف أن التفكير البشري يمكنه أن يكون ذا نهاية مفتوحة –أي ليس بالضرورة أن يكون مُوَجَّهًا دائمًا نحو هدف معين- كما يتسم بالمرونة بطبيعته. حديث النفس هو مخاطبة الإنسان لنفسهِ عن طريق العقل الباطني، فهي طريقة تخاطب بين الإنسان لنفسهِ والحكم على القرارات التي يتّخذها بمشاورة عقلهِ الباطن من خلال التجارب والمعلومات والمعرفة التي يتحويها، وهي من أحد الأمور المهمّة في حياة الإنسان والتي يتولّد من خلال عمليّة صنع القرارات.
هل فرشت العُشبَ ليلاً و تلحّفتَ الفضا
زاهداً في ما سيأتي ناسياً ما قد مضى؟
قف…
النفس هي جزء من الإنسان والتي يوجد فيها شهوة الإنسان، فتجد شخص يريد أن يفعل أمر معيّن والمعلوم أنّ النفس دائماً أمّارة بالسوء، فتجد الرغبة تخرج من النفس وتدخل إلى العقل الذي يحلّل الأمور الجيدة والمفيدة بالاعتماد على الضمير الموجود في الإنسان، فالضمير يأتي في المرتبة الأولى ثمّ العقل ومن ثمّ القلب والنفس، فمنبع التفكير لإيجاد السعادة هي النفس وحديثها فيجب أن يكون العقل هو القائد الوحيد عند التخاطب. الحكمة : الحكمة تتولّد من تخاطب النفس، من الجميل أن تقف على شيء أو أمر معيّن قد حصلَ في حياتك، فالحكمة تأتي من خلال القلب والعقل والنفس والضمير، فإن مات واحدُ منها ماتت الحكمة، وعند تخاطب النفس دائماً الشخص لا يموت أي جزء من التي ذكرت.
توليد الخيال : الخيال لا يأتي إلاّ بتخاطب النفس والعقل، فالخيال مفتاح الحياة والإبداع وتصوّر الأمور التي ممكن أن يطبّقها الشخص على أرض الواقع، فالخيال مهمّ جدّاً في حياة الإنسان لكي يستطيع أن يحلم ويعرف الأمور وليفتح العالم على مصراعيهِ، يجب أن يكون هناك خيال يمكن أن يطبّق على أرض الواقع، فاعرف دائماً وراجع نفسك والأفكار التي تخطر على بالك، حتّى لا تصل إلى مرحلة الإجرام في الخيال أو لدرجة الجنون، وكن مع الله في الإستغفار والإستعانةِ بالله عند التفكير في أمر معيّن، فمخافة الله تعالى تحميك من كلّ هذه الأمور التي قد تخطر على النفس ، فرأس الحكمة مخافة الله، والعقل بمعرفة الحقيقة والأفضلُ لك، فبين الذكاء والجنون شعرة واحدة فلا تقعُ في دوّامة التفكير وليكن تفكيركَ دائماً إيجابيّاً مهما عصُفت بكَ الحياة .