منذ أيام وصوتها يبكى له قلبي ويئن من انكسارها فى الحديث عبر الهاتف لأحد البرامج الدينية ودموعها التى شعرت بها تتساقط على خدى تٌلهبه من قسوة أبنائها.
إنها الأم ذات الثامنة والثمانين، التى أنجبت خمسة من الأبناء ثلاث بنات وولدين ليكونوا يوماً سنداً وعكازاً لها من غدر الزمن حينما يختل التوازن لكبر السن والشيخوخة.
جاء صوتها عبر الأثير وهى تقول للمذيعة إنها أم لخمسة أبناء ولدين وثلاث بنات … وعندما سألتها المذيعة مع من تعيشين.. أجابت بصوت منكسر أعيش “مع ربنا” …ياالله .. واستطردت حديثها قائلةً إن بناتها الثلاثة واحده منهم خارج مصر وهى إلى حد ما أفضل من إخوتها فهي ترد عليها فقط عبر الهاتف .. أما الآخرتين واحدة لم ترد على اتصالاتها تماماً والأخرى تتعطف عليها من وقت لآخر بالرد عليها … أما الذكور كل منهم يستضيفها عنده لبضعة أيام ويخبرونها بأن بناتها أولى بها.
الأم تنجب الإبنه وتكون لها أماً وأختاً فى فتره الصبا ثم تتبدل المواقع لتكون الابنه هى الأم لأمها فى شيخوختها.
أمُ أخرى ترد على ابنها وهو يقول لها ..ﺃﻧﺎ ﻟﻚ ﻳﺎ ﺃﻣﻲ..”ﺿﺤﻜﺔ ﺍﻷﺭﺑﻌﻴﻦ ﻭﻣﺮﺽ ﺍﻟﺨﻤﺴﻴﻦ ﻭﻭﺣﺪﺓ ﺍﻟﺴﺘﻴﻦ ﻭﻳﺄﺱ ﺍﻟﺴﺒﻌﻴﻦ ﺃﻧﺎ ﻟﻚ ﻋﻜﺎﺯ ﺍﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻦ ﺃﻧﺎ ﺑﺠﺎﻧﺒﻚ حتي ﺃﻓﻨﻰ .
ﻓﺮﺩﺕ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻣﻪ ﻗﺎﺋلة.. ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻳﺎﻭﻟﺪﻱ ﻳﺤﻜﻲ ﻋﻜﺲ ﻣﺎﺗﻜﺘﺐ.. ﻓأﻧﺎ ﻭﺣﻴﺪة ﻣﻨﺬ أﻳﺎﻡ ﻓﻲ ﻏﺮﻓﺘﻲ أنهكني ﺍﻟﻤﺮﺽ ﻭأتعبني ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ وآﻟﻤﺘﻨﻲ ﻭﺣﺪﺗﻲ ..ﻛﻞ ﻳﻮﻡ أصحو وأتذكر ﺿﺤﻜﺎﺗﻜﻢ ..ﻛﻢ أﺳﻌﺪﺗونى ﻓﻲ ﺻﻐﺮﻛﻢ ﻓﻠم ﻻ ﺗﺴﻌﺪﻭﻧﻲ ﺑﻬﺎ الآن أنت ﻭﺍﺧﻮﺗﻚ .. ﻟﻢ أعد أﺭ ﻣﻨﻜﻢ سوى ﺍﻟﺠﻔﺎﺀ، أﻣﺎ ﺍﻟﺒﺎﺭ ﻣﻨﻜﻢ ﻓﻴﺄﺗﻲ علي ﺍﺳﺘﻌﺠﺎﻝ ﻭﻳﺠﻠﺲ ﺑﺼﻤﺖ ﻣﺮﻳﺮ ﻗﺎﺗﻞ ﺛﻢ ﻳﻨﺼﺮﻑ ﻣﺘﻬﻠﻼً ﻭﻛأﻧﻪ أﺳﻘﻂ ﺣملاً ﺛﻘيلاً ﻋﻦ ﻋﺎﺗﻘﻪ ﻓﻤﺠﻴﺌﻪ ﻋﻨﺪﻱ ﻣﺠﺮﺩ ﺗﺄﺩﻳﺔ ﻭﺍﺟﺐ ﻻ أﻛﺜﺮ.
ﻛﻠﻤﺎﺕ ﺗﺒﻜﻲ ﺍﻟﺤﺠﺮ ﻭﻳﻨﺪى ﻟﻬﺎ ﺍﻟﺠﺒﻴن ﻭﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﺍﺳﺘﻄﺎﻋﺖ أن ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻨﻪ ﻫﺬﻩ ﺍلأﻡ ﻗﺪ ﻳﻌﺠﺰ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍلأﻣﻬﺎﺕ ﻭﻟﻜﻦ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ﻣﻠﻴﺌة ﺑﺠﺮﺍﺡ ﺟﻔﺎﺀ ﺍلأبناء ﻓﻬﻲ ﺟﺮﺍﺡ ﻻﺗُﺤكى ﻭﻻﺗﺸﻜﻰ إلا ﻟﻠﻪ ﻭﺣﺪﻩ.
فكم من أم ﺗﻘﻀﻲ ﻳﻮﻣﻬﺎ ﺻﺎﻣتة ﻻ أﺣﺪ ﻳﻜﻠﻤﻬﺎ أﻭ ﻳؤﻧﺴﻬﺎ ﻋﻠﻤﺎً ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻤﻨﺰﻝ ﻣﻠﻲﺀ ﺑﺎلأبناء ﺍلأصنام ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺍﺳﺘﻌﺒﺪﺗﻬﻢ أﺟﻬﺰﺗﻬﻢ.
وما أكثر هذه الحالات فى مجتمعنا ..ألهذا الحد أصبحنا ذوات غلظة قلوب ..ألم تتذكروا أنها من حملت تسعة أشهر وأرضعت عامين وسهرت وربت حتى أصبحتم رجالاً وسيدات! وأنت يازوجة الابن أليس لك أم مثلها! ألست أنتِ أم وتعلمى معنى الأمومة! ألا تخافىن من اليوم الذى تصبحين فيه مثلها!
ﺗﺮﻓﻘﻮﺍ أﻳﻬﺎ ﺍلأبناء بأمهاتكم وعودوا إليهم ﻭأﺴﻌﺪوﻫم ﻗﺒﻞ أن تفقدوهم ﻭﻳﻔﻮﺕ الأوﺍﻥ…. ألهذا الحد نسينا أن الجنه تحت أقدامها!