إذا أردت أن تعرف نعمة الله عليك، فأغمض عينيك ، عبارة لطالما سمعناها ولكن هل حاول أحدنا أن يجربها لمدة يوم واحد أو ساعة أو حتى نصف ساعة ؟ فإذا نسيت أو لهوت، فليكن لك عبرة في غيرك من الذين حرمهم الله هذه النعمة.
أيها الإنسان إن آيات الله تبارك وتعالى فيك تُثير في القلب العظمة والإيمان ، فأنت أيها الإنسان تنظر بعينيك فترى كل شيء حولك بالألوان ، وأيضاً تقضي حوائجك بواسطة هاتين العينين وتكسب الخير والتجارب في الحياة، بها تتطلع إلى مظاهر الطبيعة الخلابة وجمال الحياة ، فلو تخيلنا أنفسنا نرى كل ما في الطبيعة باللون الأبيض و الأسود ، عندها كيف ستصبح حياة البشر؟
إذن إذا أردت أن تعرف نعمة الله عليك ، فأغمض عينيك وقل الحمدلله على نعمة البصر. نعم هي نعمة البصر ، وقد سماها الله تبارك وتعالى بالحبيبة الكريمة كما جاء في حديث رسول الله صل الله عليه وسلم قال: ((إن الله عز وجل قال: إذا أخذتُ كريمتَيْ عبدي – وفي رواية حبيبتَيْ عبدي – فصبَرَ واحتسب، (لم أرضَ له ثوابًا دون الجنة).
فالعين من أهم أعضاء جسم الإنسان وهي وسيلتنا الأولى للتواصل مع العالم الخارجي. إذ يوجد في العين البشرية نوعين من الخلايا إحداهما تمكننا من رؤية الألوان وهي الخلايا المخروطية ، والنوع الثاني تمكننا من رؤية الأشياء وهي الخلايا التي تاخذ شكل قضيب.فهل تعلم أيها الإنسان أن العين ترى الأشياء بالمقلوب! ترى كل شيء بالمقلوب إلا أن الدماغ يقوم بمعالجتها بسرعة فائقة فيعكس الصورة لوضعها الصحيح.
كذلك العين لا ترى الصورة بشكل واضح حيث تراها مشوشة ومجزأة ، الا أن كل نصف من الدماغ يتلقى صورة فيقوم بتجميعها في نهاية الامر لتكوين صورة كاملة وواضحة.
إذن إذا أردت أن تعرف نعمة الله عليك ، فأغمض عينيك وقل الحمدلله على نعمة البصر.
إن قصص هؤلاء الذين حرمهم الله نعمة البصر كثيرة ومحزنة ،
دعوني أذكر في هذا المقال قصة شخص كفيف ، خسر بصره منذ الطفولة يتمنى أن يعرف الأشياء على طبيعتها دون أن يوصفها له أحد .
انا شخصياً أعرفه ولا اريد أن أتكلم عن معاناته بسبب فقدانه البصر ولكني سوف أتكلم عن التحديات والإنجازات التي حققها كي يعوض نفسه فقدانه لحاسة البصر.
عبد أسعد فلسطيني مقيم في لبنان، كفيف منذ الولادة ، تعلم في مدارس غير مجهزة للمكفوفين ، التحق بالجامعة اللبنانية كلية الآداب وتخصص في مجال الأدب العربي.
تلقى تعليماً دامجاً مع طلاب ليسوا من ذوي الإحتياجات الخاصة. كان يطبع جميع المواد الدراسية بنفسه ، متوسلاً طريقة “برايل”. لأنه في ذلك الوقت لم تكن المناهج متوفرة بطريقة “البرايل” . فالمدارس المختصة بذوي الصعوبات البصرية لم تكن تعمل على توفير الكتب وتعديل المناهج ليتسنى لعبد التفرغ لتنمية هواياته الشخصية .
ما جعل شغله الشاغل أن يركز على نجاحه في المدرسة وأن يضمن وصوله إلى المرحلة الجامعية وخوض معركة الحياة بنفسه.
وعندما تبدي أمارات السؤال، يجيبك بثقة وتحدٍّ: “لماذا؟ لأني كنت فرداً في أسرة تضم ثلاثة أشقاء ذكور وأخت واحدة من فاقدي البصر. إذا لم أقم بما قمت به من تحد وكفاح، لكنا وصلنا إلى حاضر قاتم يصنفنا في خانات قاهرة: لاجئين حيناً، ومكفوفين أحياناً”
شاءت الظروف في عام 1988 أن يفتح السيد عبد مؤسسة لتأهيل المعوقين . نالت هذه المؤسسة العديد من الجوائز المادية وشهادات تقدير وأدرع تكريمية. كما تمت تغطية نفقات منح لزيارة دول أوروبية للسيد أسعد، حيث زار 16 دولة بهدف تعريف المجتمع الدولي بمعاناة اللاجئ ذي الاحتياجات الخاصة في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي يعيشونها في لبنان.
وعن دور التأهيل الذي يقوم به، يؤكد عبد، “أنه مدرب وطني في مجال الاتفاقيات الدولية: من حقوق الإنسان إلى حقوق الطفل والأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة وغيرها من المواضيع، بالإضافة إلى التدريب على القيادة والحركة والأشغال اليدوية والحاسوب وإعطاء الإرشادات بالإضافة إلى إعداد المشاريع والتنسيق والتشبيك مع الفعاليات والمنظمات الدولية والمحلية، كما يقوم بتعليم الأشخاص الآخرين من ذوي الحاجات الخاصة على صيانة الكراسي المتحركة والاهتمام بها،كذلك يهوى العزف على الآلات الموسيقية.
و من الإنجازات المهمة التي يقوم بها السيد عبد أنه تعلم قيادة السيارة ويقود سيارته في مساحات معينة ليحقق رغبة وحلم لطالما حلم به وهو قيادة السيارة ، ولكن يبقى حلمه الأول هو رؤية الطبيعة وألوانها.
يعيش السيد عبد حياته كأي فرد ، فهو يتنقل بمفرده ، يخدم نفسه بنفسه في المنزل ، ويتولى القيام بأمور الصيانة في المنزل ، فهو متزوج ولديه أسرة وأولاد ، فهو يعتبر وجوده في الحياة مثلاً يجب على كل شخص يعاني من أي إعاقة جسدية أن ينظر إليها ليتعلم أنه لا يأس مع الحياة، ولا حياة مع اليأس.
المصادر : موقع النجاح: معلومة غريبة عن العين البشرية