قبل كل شيء، لا بد من الإشارة إلى الحضور المتميز في ندوة “واقع البحث العلمي وسياسات التعليم في الوطن العربي”؛ إذ تابع المداخلات نخبة من كبار العلماء والباحثين والأساتذة من مختلف المؤسسات الأكاديمية-البحثية العربية، وهذا يعكس الأهمية الكبيرة للبحث العلمي و التعليم في حياتنا المعاصرة.
طرح المتدخلون رؤاهم حول الموضوع و طرق معالجة السلبيات التي يعاني منها هذا القطاع، ويمكن تلخيص هذه الرؤى في النقاط التالية:
-نقص تمويل البحث العلمي مقارنة مع الدول الأخرى السباقة في هذه المجال. فالعديد من دول العالم تُخصّص ميزانية كبيرة للأبحاث العلمية مقارنة مع ما هو الوضع في العالم العربي.
-اقتصار التعليم في الجامعات العربية على التعليم النظري، في حين أن الجانب التطبيقي ضئيل. لذلك نرى الطالب العربي غير قادر على الانخراط المباشر في سوق البحث العلمي.
-غياب التنسيق بين المؤسسات البحثية-العلمية العربية بهدف إعداد أبحاث مشتركة ضمن فرق بحثية متخصصة. في عصرنا الحالي بدأت الكثير من بلدان العالم تنشئ فرق بحثية لإنجاز المشاريع العلمية، نظراً للترابط و التداخل الكبير بين مختلف المعارف الإنسانية، فلا يمكن لباحث منفرد أن يُلِم بكل جوانب المسألة، الأمر الذي يتطلب التعاون مع باحثين آخرين من مختلف التخصصات.
-الوطن العربي، بشكل عام مستهلك ومستورد للتكنولوجيا، الأمر الذي يؤدي إلى فقدان عنصر (الحاجة)؛ فالحاجة هي أهم دوافع الباحث للقيام ببحث علمي معين. فعندما يتم توطين التكنولوجيا، سيصبح الباحث آلياً جزءاً من الآلية الاستثمارية التي تحفزه على العمل؛ نظراً للمردود المالي من جهة و نظراً للفائدة التي يقدمها للمجتمع من جهة أخرى.
-غياب التآثر بين المؤسسات الصناعية-الانتاجية و المؤسسات العلمية-التعليمية، فالأخيرة هي المعنية بالدرجة الأولى بتقديم الاقتراحات و التوصيات، المبنية على بحوث علمية رصينة، بهدف تحسين عمل باقي مؤسسات الدولة.
لقد كانت ندوة ناجحة بكل المقاييس، وما تم تقديمه من اقتراحات سيساهم في إنضاج الأفكار و بلورة الاستراتيجيات الضرورية للدفع بالعمل البحثي و التعليمي إلى الإمام. فشكراً لمن نظّم ومن أدار و من شارك في هذه الندوة.