مفردة الأفارقة تعني : ” مواطني وسكان افريقيا . والحال نفسه للمنحدرين من اصول افريقيةً؟ ،وهناك العرب الأفارقة واصولهم عربية”.
وأدى ظهور الإسلام في القرن السابع الميلادي إلى ازدياد الاتصال العربي الأفريقي, وأمد العرب بسياج ديني وفكري ساعدهم على خلق وحدة وطنية وعلى ازدهار النهضة الثقافية(١).
لقد مر الأفارقة حالهم حال العرب بفترات استعمارية وخاصة بعد نجاح الثورات الصناعية في بداية القرن التاسع عشر الميلادي حيث الحاجة لتسويق وتصريف الانتاج بمختلف أشكاله. وتعرضوا لحروب ومحن بسبب عوامل عديدة منها الأطماع في الثروات والموقع الجغرافي وعوامل دينية وسياسية وعسكرية وثقافية.
وسهل ذلك مشاكل داخلية كالاقطاع والتخلف والمجاعة والحروب الأهلية والاقتتال العرقي والطائفي والاثني والمذهبي وضعف الأنظمة السياسية الحاكمة.
هذا وتعتمد عوامل النهضة للأفارقة والعرب في مجال التربية والتعليم على عوامل مترابطة ذات تأثير كبير في احداث التغيير الايجابي لمانحن فيه من ذلك : العوامل السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية والثقافية والحضارية والجغرافية اضافة لعامل تغير المناخ.
ان احداث تقدم في مجالات التربية والتعليم والبحوث يتطلب التأسيس على تلك العوامل في ظل استقلال وسيادة تامتين . ويتبع ذلك تفعيل العلاقات الدولية والقيام بأنشطة دبلوماسية محسوبة وذات تأثير يعتمد على الدراية والحنكة والبصيرة .
كذلك يتحتم مواجهة أزمة تغير المناخ مواجهة مشتركة بين العرب والافارقة وهي ظاهرة عالمية خطيرة تنعكس على الامن والاستقرار وحسن سير التعليم واقامة البحوث.
الاعلام من جانبه يتطلب وجود خطاب اعلامي رصين قادر على الوصول الى الجمهور المتلقي خارج وداخل الحدود ، يتمكن من الحصول على رجع صدى ايجابي من خلال استخدام وسائل الاعلام الحديث بادارة قائم بالاتصال متمكن مهنيا وثقافيا ويتصف بالحيادية والنزاهة وكل مقومات التربية الاعلامية حتى تتحقق التوعية والتثقيف والتشجيع والتحذير والرقابة ولفت أنظار المسؤولين نحو أهمية الاصلاح الاجتماعي ورفع المستوى الثقافي والعلمي والتشجيع على تطوير التربية والتعليم واقامة المراكز البحثية وإعدادها لخدمة المكتبة العلمية والباحثين .
أما الرأي العام فقد أصبح هو السلطة العليا وبخاصة حينما يكون فاعلا ظاهرا موحدا ولابد ان يتم اجراء تفاهمات واتفاقات حضارية وثقافية مختلفة ومستمرة بين العرب والافارقة .
وعلى الرغم من أن العلاقات العربية ـ الإفريقية تعرضت الى ركود وجمود خلال الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي. وخلال بدايات القرن العشرين ، فقد عمل الطرفان على تدارك هذا الخلل ومعالجة أسبابه. وكانت القمة العربية الإفريقية الثانية في مدينة سرت الليبية سنة ٢٠١٠م، والقمة العربية الإفريقية الثالثة في شهر نوفمبر من سنة ٢٠١٤م، في الكويت والتي حضرها ٣٢ رئيس دولة عربية وإفريقية و٧١ ممثلية من الجانبين وما اعقبهما من قرارات تتعلق بتشجيع التعاون في مجال الصحة والتربية والتكوين والتكنولوجيا والخدمات العامة والطاقة والإسكان (٢).
ومن الأهمية بمكان النأي عن البغضاء والكراهية والتعصب والطائفية والتكتلات والمحاور حتى يتسنى للجميع الخروج برأي عام موحد يحقق للشعوب ماتبتغيه من الدفاع عن بلدانهم وتطوير البنى التحتية ورفع مستوى التعليم والوعي ، لاسيما ونحن نعيش في عالم اتصالي مفتوح تتوفر فيه كل أدوات ووسائل الاعلام بيسر وسهولة.
كذلك لابد من توزيع عادل للثروات على الشعوب العربية والافريقية .فوفقا لتقرير نشر عام ٢٠٢٣ للثروة في أفريقيا نشره هينلي وشركاؤه بالشراكة مع مؤسسة نيو وورلد ويلث، ” فإن أسواق الثروة الخاصة في إفريقيا « الخمس الكبار» – جنوب إفريقيا، مصر، نيجيريا، كينيا والمغرب – تمثل مجتمعة ما يناهز ٥٦% من أصحاب الثروات العالية في القارة (HNWIs) وأكثر من ٩٠% من المليارديرات الأفارقة. ويقدّر حاليًا عدد أصحاب الثروات العالية الخاصة في القارة بــ ١٣٨٠٠٠ فردا يصل إجمالي ثروة الفرد الواحد إلى مليون دولار أمريكي أو أكثر، يعيشون في إفريقيا جنبًا إلى جنب مع
٣٢٨ مليونيرا يملكون ١٠٠ مليون دولار أمريكي أو أكثر، و مع ٢٣ مليارديرا”(٣).
ومن هنا يتحتم المضي قدما نحو توزيع عادل متوافق عليه للثروات حتى يتم التمكن من تطوير التعليم ودعم البحوث العلمية.
وفي ضوء ماذكر فإننا نرى ضرورة الأخذ والاهتمام بالآتي :
١- تأمين العامل الاقتصادي للعرب والأفارقة كأساس للاستقلال والسيادة وحرية اتخاذ القرارات.
٢- الابتعاد عن الاحقاد والكراهية والبغضاء والطائفية والعرقية في الداخل والخارج حتى يتسنى الركون للوحدة والسلام والالتفات نحو تربية قويمة وتعليم ممنهج وحديث.
٣- تجنب الحروب الداخلية والخارجية والفتن والاضطرابات على أساس العرق أو الطائفة بالدرجة الأولى.
٤- قيام وسائل الاعلام بدور محايد وتحفيزي وحضاري وودي للدعوة للسلام والتعايش وطلب العلم وتشجيعه.
٥- القيام بعقد مؤتمرات وندوات دولية تشجع تقارب الحضارات ومحاربة الجهل وزيادة الوعي ونبذ الفرقة والدعوة لتشجيع ودعم العلماء والباحثين والمراكز البحثية.
٦- الدعوة لتقارب الأديان دون المساس بالثوابث لكل بلد وهي الطريق الأمثل لانسيابية خطط التطوير في كل مجالات التقارب العلمي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي.
٧- مراجعة وتوحيد المناهج التعليمية من النواحي العلمية ومراعاة سلامتها من الناحية العلمية ومقاربتها مع مناهج ومقررات الافارقة والعرب وعدم تضمينها بأي ماله مساس بالمنطق والدين وعادات وتقاليد المجتمعات الحميدة ، او ماله تأثير على وحدة البلدان وسبادتها.
٨- اقامة مشاريع اقتصادية وعلمية مشتركة تنقل الخبرات فيما بين البلدان العربية والافريقية وتحقق تقارب اكثر باتجاه تحقيق اهداف التربية والتعليم.
٩- تفعيل الجهود والأنشطة الدبلوماسية وتوحيدها بانخاذ قرارات موحدة تجاه الدول الخارجية .
١٠- تغيرات المناخ من الظواهر الخطيرة التي تواجه العالم ويتحتم على العرب والافارقة مواجهة هذه الطاهرة كمواجهتهم للارهاب والنزاعات المسلحة وكل هذا له علاقة بتطور التعليم ورفع مستوى البحوث.
١١- التوزيع العادل للثروات حتى تتمكن الشعوب العربية والافريقية من تحقيق اهدافها في التربية والتعليم وتشجيع الباحثين والعلماء على تقديم المزيد من البحوث التي تواكب بحوث العالم المتقدم.
١٢- التأكيد على تنمية وإحياء وترسيخ اللغة العربية من خلال السفارات والمراكز والمؤسسات العلمية والتعليمية وعمل جدول ممنهج للإبتعاد عن اللغات الاستعمارية .
١٣- المؤسسات الدينية والتوعوية تقع على عاتقها مسؤولية كبرى في ترسيخ والحفاظ واستخدام اللغة العربية في الدول الافريقية بإعتبارها لغة القرآن الكريم .
المراجع
١. توفيق ، راوية , الجذور التأريخية للعلاقات العربية الافريقية ، الجزيرة نت ، ٣-١٠-٢٠٠٤
٢. بن علي ، عبد الرزاق ، البعد التأريخي للعلاقات العربية الافريقية ، araa.sa ، ٩آيار ٢٠١٦
٣. Henley & Partners،. يكشف تقرير الثروة في أفريقيا لعام ٢٠٢٣ أن الدول الخمس الكبرى “الخمس الكبار” تستحوذ على ٦٥% من مليونيرات القارة, https://www.prnewswire.com/a، 28-3-2023