تناولت أستاذ مقرر قسم الفقه في جامعة الكوفة أ.د زينه علي جاسم الحسناوي قضية الكمال الاجتماعي عند الفارابي – دراسة فلسفية ونشرت في العدد الجديد من مجلة بحوث العلمية المحكمة فأوضحت في مستهلها أن دولة الفارابي تمثل نسقًا كاملًا مبنيًا على نظام سياسي واقتصادي واجتماعي دقيق ، دولة إيجابية لا قهر فيها ، واقعها لا يفصل النظام كمبدأ أساسي في البناء السياسي عن الأخلاق كهدف رئيسي لهذا النظام ، والدولة برأي الفارابي هي التي تخلق الظروف المادية والمعنوية المناسبة لكي تساعد المواطن على تحقيق الكمال الأول أو السعادة القصوى في هذه الحياة تعدل ولا تظلم ، وهكذا نرى الفارابي لا يفصل بين النظام في الدولة عن الغاية النبيلة التي أقيم من أجلها ، كذلك لم يفصل بين مسؤولية الدولة عن مسؤولية الفرد في تحقيق السعادة التي جعلها المبدأ الأساسي والمعيار السياسي المستخدم في تقرير ماهية الحكم ووظيفته وصلاحية الحاكم لتولي منصبه ، والسعادة هي الأساس الذي أقام عليه الفارابي مدينته الفاضلة وكذلك اعتبرها المفتاح الأساسي لهذه المدينة واعتبر أنَّ الالتزام السياسي والأخلاقي يسيران جنبًا إلى جنب بل هما وجهان لعملة واحدة ولن يبلغ الفرد الكمال أو السعادة في الحالتين إلا إذا كان سلوكه عند التطبيق فاضلًا ضامنًا للأخلاق الفكرية العملية ، ومن الجدير الإشارة إلى أنَّ الفارابي جعل للدين شانًا كبيرًا في التهذيب ولكنه من حيث قيمته الأخيرة يعتبره أدنى مرتبة من المعرفة العقلية الخالصة ويرى أيضًا أنَّ عناية الله ورعايته محيطة بالأشياء جميعها وأنَّ الخير في العالم أكثر من الشر ، ويرى الدين والفلسفة لا يتناقضان بل يكمل بعضهما الآخر ولا توجد اختلافات جوهرية بينهما لأَنَّ أصلهما واحد وهذا الأصل يحوي المعرفة والحق والحياة وهذا ما جعل الفارابي ينادي بالتوفيق بين الدين والفلسفة ووحدة أهدافهما وغاياتهما.