تنوعت التراكيب الأسلوبية في الخطاب القرآني معبرة عن لطائف وأسرار بيانية وأسلوبية مختلفة تتلاءم مع أهداف الخطاب ومقاصده، في تناسق دقيق وانسجام لطيف، ومن هذه الأساليب أسلوب التوكيد الذي ظهر في أنماط وصور تعبيرية متعددة، منها ما كان بتكرار اللفظ نفسه فعلاً أو اسمًا أو حرفًا أو جملة، وهو ما يسمى بـ (التوكيد اللفظي)، ومنها ما كان بتابع يقرر أمر المتبوع في ذهن السامع بألفاظ توافق المؤكَّد (المتبوع) في المعنى لكنها تخالفه في اللفظ، كنفس وعين وكلا وكلتا وكل وجميع وعامة، وهو ما يسمى بـ (التوكيد المعنوي)، ومنها ما تحقق بأساليب أخرى تفيد معنى التوكيد، كالتوكيد بالقصر والتوكيد بالقسم والتوكيد بأدوات تؤكد بها الجملة الاسمية أو الجملة الفعلية أو كلتاهما كـ ( إنَّ، أنَّ، قد، لقد، لام الابتداء، نوني التوكيد الخفيفة والثقيلة…).وقد ظهر أسلوب التوكيد في مواضع عديدة من سورة (المؤمنون) بدءًا بمطلع السورة الكريمة الذي جاء مقررًا ومؤكدًا الفلاح للمؤمنين وأنَّ منازلهم الفردوس خالدين فيها بقوله تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ) [المؤمنون:1]، انتهاء بتأكيد الخسران للكافرين في ختامها بقوله عزّ وجلّ: (ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ) [المؤمنون:117]. وسورة المؤمنون سورة مكية عُنيت بالعقيدة وعرض القضايا الكبرى التي تتعلق بالخلق والحياة، والموت والبعث، ووحدة الإله، أما قضية القضايا التي اهتمت بها السورة الكريمة وأنكرها الكفار فهي ” البعث ووحدانية الإله”؛ ما لزم وجود ما يؤكدها ويقررها بأساليب تحقق المعنى المراد. (obaid,2021).