إن التحديات والفرص الناجمة عن الثورة الصناعية الرابعة تتطلب فهما دقيقًا لكيفية التعامل معها، وتستدعى تكاتف الجهود بين الحكومات والشركات وصناع القرار والأكاديميين والأفراد، بل يجب أن تسعى الحكومات إلى تنمية قدراتها من خلال تنمية الذكاء والعقل في إطار وجود منظومة سريعة التغير، ورؤية طويلة الأجل، وعدم النظر إلى التكنولوجيا أو ما يصاحبها من مشكلات باعتبارها قوى خارجيّة لا يمكن للإنسان التحكم بها، بل يجب العمل على استغلال الفرصة والقوّة التي يمتلكها المواطنون، والمستهلكون والمستثمرون في رسم ملامح الثورة الصناعية الرابعة.
فالتقنية في عصرنا الحالي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، حيث إن الحياة الرقمية احتلت مكانًا مهمًا في أسلوب حياتنا وطريقة تفاعلنا مع بيئتنا. ومن هنا، ندعو إلى “أنسنة الرقميات” الذي يعتبر من أحد المصطلحات التي تعكس هذا التحول الرقمي الذي تمر به مجتمعاتنا.
ويشير مصطلح ” أنسنة الرقميات” إلى التحدي الذي تواجهه المجتمعات في تحقيق توازن بين التقنية والإنسانية و الجمع بين التكنولوجيا والبشرية في عصر الذكاء الاصطناعي . كما يهدف إلى توظيف التقنيات لتسهيل حياة الإنسان وتحسين العمليات الحياتية وتوفير أدوات تفاعلية في بيئة رقمية آمنة وأكثر إنسانية واستدامة.
ولضمان “أنسنة الرقميات”، يجب على الجميع العمل معًا لتوفير بيئة رقمية تحافظ على الخصوصية والأمن الرقمي، وتعزز العلاقات الاجتماعية والصحة النفسية والعمل الإبداعي.
وفي نفس السياق يتعين علينا كذلك التحول إلى مجتمع رقمي يتميز بالشمولية وعدم التمييز، وتعزيز الوعي بأهمية الاستخدام الأمثل للتقنية في تحسين جودة الحياة والعمل الاجتماعي. ولا يقتصر تحقيق “أنسنة الرقميات” على الأفراد فحسب، بل يتطلب أيضًا تعاوناً من المؤسسات والحكومات لضمان أن يتم تصميم التقنية وفقاً للمبادئ الإنسانية والاجتماعية.