إن من أعظم أسباب عدم شكر النعم ألا يعدد الإنسان نعم الله عليه وألا ينظر إلا إلى النقص في حياته، فإذا نظر إلى أنه لا يملك بيتاً فخماً ولا سيارة فارهة أو لا يملك كذا مما يحتاجه، وحصر نظره في النقص، غفل عن الكمال، وإذا غفل عن الكمال لم يشكر النعم، وغفل عما أعطاه سبحانه من صحة في الجسم وسلامة العقل، ونظر فقط إلى أنه لم ييسر له منصبا؟ رفيعاً في هذه السنة، فجحد النعم العظيمة ولم يشكرها ولم يأتها حقها. ولن يكن عبداً لله إلا إذا شكر نعمه، فلا بد من الصبر والرضا، و الأول ضرورة لتحقيق السعادة الدنيونية فالشكر سبب لكل خير، فهو يؤتي المزيد من العطاء، والكفر بالنعم جلاّب لكل ضُر وشر. فشكر النعم من موجبات ثباتها وبقائها، فكم من نعمة زالت في النفس والأهل بسبب الإعراض عن شكرها والقيام بحقها. والشكر ليس قول باللسان،بل عمل كذلك تصدق عليه الجوارح ليظهر أثره في قلب الإنسان بالإقرار بنعم الله. ولا تظن أنك مستوجب للنعم مُستحق لها، إنما هي من فضل الله وتوفيقه وإحسانه إليك، فسخر تلك النعم في طاعته و استعملتها فيما يقربك لله. وإن استعملتا في معاصيه فقد كفرت بأنعم الله، و فعلت موجبات غضبه. اللهم أعنا على شكرك وذكرك وحسن عبادتك.