حيثما تودع الشمس البحر ساعة الغروب، وحيث يحلو شرب فنجان القهوة في الصباح، فيما تحلق الطيور بين زرقتي الماء والسماء، حطت مجموعة من اللاجئين الفلسطينيين رحالها بعد نكبة عام 1948.
تتمنى لو أنك تعيش بين أحضان هذا المشهد، لكنك حتماً عندما ترى الصورة كاملة ستعرف أن هذا كله ينطبق عليه مقولة ” محسود مما أنا شاك منه”، على الأقل بالنسبة لسكان مخيمات وتجمعات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، حيث تتمثل الحياة في غياب فرص العمل وقلة المساعدات الإغاثية المقدمة لهم من قبل وكالة الاونروا، ارتفاع معدلات البطالة والفقر في مجتمع اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات لبنان تجاوز ال 70 %. يعيشون تحت خط الفقر و هذا العدد مرشح للتزايد، أما على المستوى الصحي فقد تأثرت المخيمات الفلسطينية في لبنان على المستوى الصحي تحت وطأة جائحة كورونا ومتحوراتها
إضافة إلى تراجع أداء الاونروا في الملف التعليمي، في ظل التحديات الكبيرة التي تواجه اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وفي ظل الارتفاع الكبير في أسعار السلع والخدمات والمصاريف وأجرة النقل وفقدان الكثير من العائلات لمصادر رزقهم وأعمالهم.
في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين وحدها الأرقام تتكلم وهي أبلغ من الكتابة، ومن خلال البحر المليء بالمفاجآت يعبر الآلاف منهم، طلباً للهجرة من مخيمات الشتات في لبنان إلى بلاد العمل والإنسانية ، قد تتعدد الطرق والوسائل ولكن الخطر واحد من أجل الهجرة، فما بين مرارة اللجوء ومآسي الهجرة هناك حكايات وروايات.
لذا سموني لاجيء، وبالهوية الزرقاء قيدوني، وجعلوني رقماً في كرت الإعاشة ،ومن حقوقي المدنية حرموني ، وعيشوني في سجن المخيم وحاصروني، وحرموني من مزاولة عدة وظائف وقالوا لي أنت لاجئ، ومن حقوق الطفولة جردوني، لأنني من وطن نصفه شهيد، نصفه لاجيء، والباقي ينتظر.
مؤلم..عندما نبكي بشده من حرمان الوطن وحينما يسألوننا لما البكاء نصمت، وكأننا قد صفعنا، ليس استغراباً للسؤال ولا خوفاً من الإجابه، ولكن لأن الحروف الـثمانية و العشرين لن تصف حجم الألم الذي يحتوينا من العيش بالشات، فنصمت.
لاجيء سموني، لاجيء، ولكنني أحافظ على تاريخي وتراثي الفلسطيني العربي، وأورثه من جيل إلى جيل ، إلى أن نعود لمدننا وقرانا الفلسطينية العربية، ولن أبقى لاجيء مثلما سموني ، ولكني أقول عائد إلى وطني عائد .