في زمن يحكمه عدد اللايك، ومتابعة عدد مرات الشير تغيرت معايير النشر الصحفي، وخضعت لمتطلبات المنصات ولتحديثات “مستر جوجل” التي باتت تدير خوارزميات النشر وفقاً لآليات صارت بحد ذاتها قانون، إما أن تكون معه أو مصيرك في ذيل قائمة البحث..ولا خيار ثالث.
وكان علينا في عالم الصحافة أن نقبل ونتواكب مع هذا العالم الرقمي الذي يتغير دوماً ما بين ليلة وضحاها .. لكن من المفترض أن تظل معايير الصحافى الموهوب والمحترف ثابتة حتي و لو تغيرت الأدوات، من ضرورة امتلاك لغة سليمة و إنتاج محتوى إبداعي يقوم على مهارة البحث والمتابعة و تقديم الجديد لقارئ ينتظر ومشاهد يتلهف الجديد ..لكن الممارسة العملية لها واقع آخر ونحن نشهد ما يسمي ” صحافي الايفينت” خاصة في العقد الأخير من خريجي كليات الصحافة و الإعلام وحديثي العمل في المجال ..فالأساس بات هو درجة الظهور على السوشيال ميديا وأشياء أخرى!
فبعيداً عن اهتمام خريجي الإعلام باكتساب الخبرات الفنية والمهارية ممن سبقوهم في المجال العملي ..صار هناك من يربط التفوق في عالم الدراسة النظري بأنه النجم و يشعر بأن هذا يكفي .. و ينتقل إلى مرحلة إدمان حضور الفاعليات المنتشرة على الفيسبوك و التقاط ٱكبر قدر من الصور والنشر المتوالي ليدمن جمع تعليقات” المجاملات” التى تتحول بمقاييس السعار الرقمي مؤشر نجاح ! .. و يشرع في جمع الشهادات ودروع التقديرات من مراكز تدعي تدريب الإعلام وجرأة منح درجات ماجستير ودكتوراه!.. ويزج بنفسه بين اللقاءات التليفزيونية من خلال شبكة العلاقات..وتتضخم الذات وتختفي الموهبة!
وفي سوق عمل تحركه لغة المال و بات الهدف الوحيد لها الخريج “الفريش” نجدها في شركات تدعي صناعة المحتوى لكنها تحول المواهب الصحفية إلى مجرد آلات “منتجة” للكلمات و تمتص أي وقت لاكتساب مهارات حقيقة غير مهارة القص واللصق و تعديل النص تحت مسمى “إعادة الصياغة”.. وتأتي ٱدوات الصحافة الرقمية الحقيقة والتدريب كنظرية قابلة للتجاهل والحذف.
وهناك المستوى الأعلى منهم ممن يرتقون قمة الهرم السهل من خلال الدخول في لعبة الاستفادة من الأحزاب السياسية ذات البريق التى تفتح باب أوسع لفاعليات أكبر ! ولا عزاء لحتمية خبرة التعلم.
تعدد المنصات والسوشيال ميديا وشهوة الظهور خلقوا معاً جيلاً فيه من لم يكمل مقالاً و يصر أته صحفي! .. ومن لم يُعِد نصاً يوماً ويدعى أنه إعلامى مفوه! .. ومجاملات الكترونية تمجد محتوى فقير المخرجات تصيب صاحبها بوهم أنه يؤدى تمام الرسالة ويستمتع أكثر بالفقاعة ..والمصيبة تكبر لكن للصحافى الحقيقي شأن آخر .