يمكن الجزم بأن إدخال تقنيات المعلومات والاتصالات هي ثورة حقيقية في الإدارة، لما يُحدثه ذلك من تغيير في أسلوب العمل الإداري وفاعليته وأدائه. وبالتالي فإن الإدارة التقنية (الالكترونية) هي منظومة رقمية متكاملة تهدف إلى تحويل العمل الإداري العادي إلى النمط الالكتروني. وذلك بالاعتماد على نظم معلوماتية قوية تساعد في اتخاذ القرار الإداري بأسرع وقت وبأقل التكاليف. وهذا بطبيعة الحال يترتب عليه فوائد كالسرعة في إنجاز العمل والمساعدة في اتخاذ القرار بالتوفير الدائم للمعلومات بين يدي متخذي القرار مع خفض تكاليف العمل الإداري ورفع أداء الإنجاز، وتجاوز مشكلة البعدين الجغرافي والزمني، ومعالجة البيروقراطية والرشوة أي إحداث إصلاحات في الهيكل الإداري بالمجتمع وتطوير آلية العمل ومواكبة التطورات. إضافة لتجاوز مشاكل العمل اليومية مع وجود بنية تحتية معلوماتية آمنة وقوية ومتوافقة فيما بينها .
فتسني لنا من خلال الدراسة المعنونة ب” دراسة الإدارة التقنية (الالكترونية) للمرافق العامة ودورها في تنمية المجتمع ” أن نُعَرِف الإدارة الإلكترونية بأنها: الجوانب التي تقدم من خلالها خدمات المرفق العام (مركز بحوث الصحراء) وكذا القدرات والإمكانات المادية والبشرية والتنظيمية والتشريعية اللازمة التي تمكنها من أداء أعمالها الإدارية التقليدية إلكترونياً باستخدام تقنية المعلومات والاتصالات مع ضمان الحماية اللازمة لأمن المعلومات.
فلم تأتِ مبادرات الإدارة الالكترونية من قبيل المصادفة ولم تكن مبادرات هامشية يمكن الاستغناء عنها، وإنما أصبحت ضرورة ملحة لجميع دول العالم؛ الفقيرة والغنية على حد سواء. فلقد قدمت مشاريع الحكومة الإلكترونية خدمات جليلة للمجتمعات من حيث تحسين مستوى الحياة وتحسين الخدمات التي تقدمها الحكومات للشعوب. ومع الشراكة بين القطاعين العام والخاص أصبحت بوابات الحكومة الإلكترونية أكثر فاعلية وتأثيراً في المجتمعات.
وإذا نظرنا لمفهوم المجتمعات الريفية وهو من أهم المجتمعات وأكثرها احتياجاً للخدمات حيث تتألف هذه المجتمعات من السكان الذين يعيشون في الأماكن الطبيعية والتي تعتمد على الاقتصادات الأولية التي بها أنشطة مثل الثروة الحيوانية أو الزراعة، أساسية لتوليد الغذاء والعناصر الأخرى التي تستخدم لاحقاً للعيش الأساسي. ولا تزال المجتمعات الريفية في الوقت الحاضر بسيطة للغاية من حيث نوعية حياتها ، وليس لها تأثر كبير بالتكنولوجيا، مما يجعل هذه المجتمعات في أي دولة من المناطق الأقل تحضراً ووعياً وتكون دائماً تابعة بشكل كامل للمدن الأقرب لها، كما نجد أن العديد من الخدمات تكون متوفرة بشكل أكبر في المدن عن الريف مثل الخدمات الترفيهية والصحية والتعليمية وغيرها. ولهذا غالباً ما يلجأ أهل الريف إلى الانتقال للمدن للحصول على مثل هذه الخدمات، وبسبب النقص الموجود في الخدمات بالريف يندفع الناس للهجرة إلى المدن مما ينعكس بالسلب علي محاولات تنمية المجتمعات الريفية.
وبالبحث نجد أن المكتبة العربية لا تحتوي علي مؤلفات كثيرة تغطي موضوعات الإدارة الالكترونية ودورها في تنمية المجتمعات وخاصة المجتمعات الريفية ، كما أن غالبية المواضيع المطروحة في هذا المجال تغطي الجانب السياسي أو القانوني دون التطرق إلى دور تكنولوجيا المعلومات في هذا المجال. كما أن الأحداث الأخيرة في الوطن العربي تجعل من المهم طرح مثل هذه المواضيع حتى لا تبقى الحكومات والقطاع العام منعزلة عن حراك المجتمعات الريفية .
لذلك أصبح من الأهمية القصوي البحث في كيفية الاستفادة من العصر الرقمي في تطوير وتنمية المجتمع الريفي باستخدام الإدارة الالكترونية لتعود بالنفع علي سكان هذه المجتمعات واستغلال مواردها الاستغلال الأمثل بما يعود بالنفع علي المجتمع الحضري أيضاً في شتي المجالات.