الإنسان كائن يتشكل ويتغير باستمرار، وكل شخصية تتميّز عن غيرها بمجموعة من الصفات؛ لأن الإنسان بطبعه يرغب أن يكون متفرداً بشخصيته. ويمكن معرفة شخصيات الآخرين عن طريق ملاحظة تصرفاتهم أو انفعالاتهم في المواقف المختلفة، أو معرفة أفكارهم عن طريق الاستماع إليهم، ولكن تفاصيل شخصيتك لا تظهر جميعها لك ، والكثير منا يرغب أن يعرف نفسه، وقد بدأ الفيلسوف اليوناني سقراط يتعمق في نفس الإنسان ويحللها، ويدعو إلى معرفتها بمقولته الشهيرة (اعرف نفسك، بنفسك)
ويرتبط مفهوم الشخصية بطبع الإنسان، فالطبع هو أحد الركائز الأساسية المكوِنة لشخصية الإنسان، ومع تطور الطبع تتطور الشخصية. ويعرف الطبع بأنّه مجموعة من العوامل التشكلية (تتعلق بالشكل)، والوظائفية، والنفسية التي تتحكم مجتمعة بأفعال الأشخاص، ويقسَم الطبع بصورة رئيسة إلى أربعة أنواع:
الطبع البارد وهو الشخص اللامبالي.
والطبع الصفراوي وهو الشخص الانفعالي.
والطبع الدموي ويمثل الشخصية حادة الطباع وسريعة الغضب .
والطبع السوداوي وهو الشخص العصبي المتشائم.
تغير العالم بعد فيروس كورونا، والمدن التي كانت تضج بالحياة أصبحت مدن أشباح، والناس اختارت طوعاً الالتزام ببيوتها خوفاً من العدوى، في ظل الأخبار السلبية عن انتشار فيروس كورونا في العالم، يعاني معظمنا من القلق والإحباط. لكن للأزمة جانب مضيء أيضاً، ففي ظل الإنشغال بالعمل وأمور الحياة، قد ينسى البعض ويتجاهل آخرون علاقاته الاجتماعية سواء مع الأهل أو الأصدقاء أو الجيران. الآن تجلس الأسرة الواحدة معاً، وتظهر قيمة الأصدقاء في حياة الفرد. فالإنسان كائن اجتماعي من الدرجة الأولى، والعزل الحالي جعل البعض يعيد ترتيب أولوياته مرة أخرى.
ومع إغلاق المدارس ومكوث الأطفال في المنزل، تستطيع العائلات استغلال الوقت في توطيد العلاقة الأسرية عن طريق ممارسة أنشطة جماعية مثل الألعاب أو الرياضة أو الطهي. هذه الأنشطة تقرب أفراد الأسرة من بعضهم البعض وقد تكون فرصة لنسيان الخلافات وحل المشكلات سوياً.
كذلك كنا نرى مناظر الطبيعة من حولنا كأمر مسلم به، فقد نمر يوميا بمناظر جميلة لا نلتفت إليها. لكن مع التزام أغلب دول العالم بالعزل المنزلي، يشتاق الكثيرون لضوء الشمس والجلوس في حديقة أو تحت ظل شجرة. فعندما نخرج من المنزل الآن، نستنشق الهواء بطريقة أعمق، ونمتع أعيننا بألوان الطبيعة لوقت أطول.
فالمكوث في المنزل جعل كثيرين يشتاقون للحركة اليومية، مما جعل البعض يمارس الرياضة في المنزل أو يستعمل الدراجة بدلاً من السيارة في قضاء احتياجاته خلال فترة العزل المنزلي.
في المقابل هناك من كانوا يعانون من الضغوط والتوتر سواء في عملهم أو دراستهم. هؤلاء أتاح لهم العزل المنزلي بعض الهدوء في حياتهم، حيث أعطاهم الفرصة للابتعاد عن الضغط اليومي وإعادة ترتيب أفكارهم. كما أتاح للبعض الآخر فرصة اكتشاف بعض المواهب الدفينة لديهم، حيث يقول الخبراء إن الملل قد يدفع البعض للابتكار. فإذا شعرت بالملل خلال العزل المنزلي قد تكتشف موهبتك في الطهي أو الرسم أو تصميم الأشياء. كما يمكنك استعمال تطبيقات مختلفة لتعلم لغة جديدة أو حضور دروس افتراضية في إحدى الجامعات. وفي بعض الأحيان تكون أبسط الأشياء هي أفضلها. فمتعة مشروب دافئ والاسترخاء على الأريكة أو قراءة كتاب شيق قد تكون كل ما يحتاجه المرء لإعادة شحن طاقته والوصول للتوازن الداخلي.
كما أن هناك من رأى في شهور العزلة، تجربة إيجابية وفرصة مرحبا بها للإبطاء قليلاً من إيقاع الحياة وممارسة أنشطة مثل المشي، أو لنيل قسط من الاسترخاء مع شخص يحبه، أو للاستمتاع بالوقت على أفضل وجه ممكن مع أطفاله. وبغض النظر عن الشكل الذي اتخذته الحياة في فترة الإغلاق، فإن ثمة وجهاً لها يبدو أن البشر قد اشتركوا فيه جميعاً، وهو أنها مثلت عرقلة مفاجئة للترتيبات المعتادة لمعيشتنا ولروتين حياتنا اليومية، على نحو لا يحدث عادة.
فهل سيترك هذا الوقت غير المألوف تأثيراته على شخصياتنا في العمق، لا على السطح فحسب؟
هل نشعر الآن، ونحن نعود تدريجياً لممارسة حياتنا في عالم مختلف قليلاً ، بأن شخصياتنا تغيرت بعض الشيء؟ وإذا كان ذلك قد حدث؛ كيف ستتكيف شخصياتنا الجديدة مع الوضع الناجم عن استئناف التعامل مع الآخرين والسفر إلى الخارج مثلا؟
ربما تكون الشهور الطويلة التي غيرنا فيها عاداتنا ونمط حياتنا خلال تطبيق تدابير الإغلاق، قد أحدثت تغيرات في سلوكياتنا، ستستمر لوقت طويل، حتى بعد أن تنتهي أزمة الوباء الحالي. والآن من تكون ؟ أنت عملاق في ذاتك، بطاقاتك التي وهبها الخالق لك فلا تيأس ولا تضطجر بل احمد الله الواحد الفرد الصمد على نعمة الإسلام وتأني النفس بالأمن والإطمئنان خلال هذه الفترة .